Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 2 days ago
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00في أن إرهاف الحد مضر بالملك ومفسد له في الأكثر
00:07اعلم أن مصلحة الراعية في السلطان ليست في ذاته وجسمه من حسن شكله
00:14أو ملاحة وجهه أو عظم جثمانه أو اتساع عمله أو جودة خطه أو ثقوب ذهنه
00:23وإنما مصلحتهم فيه من حيث إضافته إليهم
00:28فإن الملك والسلطان من الأمور الإضافية وهي نسبة بين منتسبين
00:35فحقيقة السلطان أنه المالك للرعية القائم في أمورهم عليهم
00:42فالسلطان من له رعية والرعية من لها سلطان
00:48والصفة التي له من حيث إضافته لهم هي التي تسمى الملكة وهي كونه يملكهم
00:58فإذا كانت هذه الملكة وتوابعها من الجودة بمكان حصل المقصود من السلطان على أتم الوجوه
01:08فإنها إن كانت جميلة صالحة كان ذلك مصلحة لهم
01:14وإن كانت سيئة متعسفة كان ذلك ضررا عليهم وإهلاكا لهم
01:20ويعود حسن الملكة إلى الرفق فإن الملك إذا كان قاهرا باطشا بالعقوبات منقبا عن عورات الناس وتعديد ذنوبهم
01:30شميلهم الخوف والذل ولاذوا منه بالكذب والمكر والخديعة فتخلقوا بها
01:37وفسدت بصائرهم وأخلاقهم وربما خذلوه في مواطن الحروب والمدافعات
01:44ففسدت الحماية بفساد النيات وربما أجمعوا على قتله لذلك فتفسد الدولة ويخرب السياج
01:54وإن دام أمره عليهم وقهره فسدت العصبية لما قلناه أولا
02:00وفسد السياج من أصله بالعجز عن الحماية
02:05وإذا كان رفيقا بهم متجاوزا عن سيئاتهم استناموا إليه ولاذوا به وأشربوا محبته
02:13واستماتوا دونه في محاربة أعدائه فاستقام الأمر من كل جانب
02:19وأما توابع حسن الملكة فهي النعمة عليهم والمدافعة عنهم فالمدافعة بها تتم حقيقة الملك
02:28وأما النعمة عليهم والإحسان لهم فمن جملة الرفق بهم والنظر لهم في معاشهم
02:36وهي أصل كبير في التحبب إلى الرعية
02:40واعلم أنه قل ما تكون ملكة الرفيق في من يكون يقيضا شديد الذكاء من الناس
02:48وأكثر ما يوجد الرفق في الغفل والمتغفل
02:52وأقل ما يكون في اليقيض أنه يكلف الراعية فوق طاقتهم لنفوذ نظره فيما وراء مداركهم
03:01واطلاعه على عواقب الأمور في مباديها بألمعيته فيهلكون
03:07لذلك قال صلى الله عليه وسلم سيروا على سير أضعفكم
03:13ومن هذا الباب اشترط الشارع في الحاكم قلة لفراط في الذكاء
03:19ومأخذه من قصة زياد بن أبي سفيان لما عزله عمر عن العراق وقال
03:26لما عزلتني يا أمير المؤمنين ألعجز أم لخيانة
03:31فقال عمر لم أعزلك لواحدة منهما ولكني كرهت أن أحمل فضل عقلك على الناس
03:39فأخذ من هذا أن الحاكم لا يكون مفرط الذكاء والكيس
03:45مثل زياد بن أبي سفيان وعمر بن العاص
03:52لما يتبع ذلك من التعسف وسوء الملكة
03:56وحمل الوجود على ما ليس في طبعه كما يأتي في آخر هذا الكتاب
04:02والله خير المالكين
04:04وتقرر من هذا أن الكيس والذكاء عيب في صاحب السياسة لأنه إفراط في الفكر
04:11كما أن البلادة إفراط في الجمود
04:15والطرفان مذمومان من كل صفة إنسانية
04:18والمحمود هو التوسط
04:20كما في الكرم مع التبذير والبخل
04:23وكما في الشجاعة مع الهواج والجبن
04:27وغير ذلك من الصفات الإنسانية
04:30ولهذا يوصف الشديد الكيس بصفات الشيطان
04:36فيقال شيطان ومتشيط
04:39وأمثال ذلك
04:41والله يخلق ما يشاء
04:43وهو العليم القدير
04:45في معنى الخلافة والإمامة
04:48لما كانت حقيقة الملك أنه لجتماع ضروري للبشر
04:53ومقتضاه التغلب والقهر
04:56الذان هما من آثار الغضب والحيوانية
04:59كانت أحكام صاحبه في الغالب جائرة عن الحق
05:04مجحفة بمن تحت يده
05:07من الخلق في أحوال دنياهم
05:10لحمله إياهم في الغالب
05:12على ما ليس في طوقهم من أغراضه وشهواته
05:16ويختلف ذلك باختلاف المقاصد من الخلف والسلف منهم
05:21فتعسر طاعته لذلك
05:24وتجيء العصبية المفضية إلى الهرج والقتل
05:28فوجب أن يرجع في ذلك إلى قوانين سياسية مفروضة
05:36يسلمها الكافة وينقادون إلى أحكامها
05:40كما كان ذلك للفرس وغيرهم من الأمم
05:43وإذا خلت الدولة من مثل هذه السياسة
05:47لم يستتب أمرها
05:49ولا يتم استيلاؤها
05:51سنة الله في الذين خلوا من قبل
05:54فإذا كانت هذه القوانين مفروضة
05:58من العقلاء وأكابر الدولة
06:01وبصرائها كانت سياسة عقلية
06:06وإذا كانت مفروضة من الله بشارع يقررها
06:10ويشرعها كانت سياسة دينية نافعة في الحياة الدنيا وفي الآخرة
06:18وذلك أن الخلق ليس المقصود بهم دنياهم فقط
06:23فإنها كلها عبث وباطل
06:27إذ غايتها الموت والفناء
06:30والله يقول
06:31أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا
06:36فالمقصود بهم إنما هو دينهم المفضي بهم إلى السعادة في آخرتهم
06:44صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض
06:51فجاءت الشرائع بحملهم على ذلك في جميع أحوالهم من عبادة ومعاملة
06:58حتى في الملك الذي هو طبيعي للاجتماع الإنساني
07:03فأجرته على منهاج الدين ليكون الكل محوطا بنظر الشارع
07:12فما كان منه بمقتضى القهر والتغلب وإهمال القوة العصبية
07:18في مرعاها جور وعدوان ومذموم عنده
07:22كما هو مقتضى الحكمة السياسية
07:25وما كان منه بمقتضى السياسة وأحكامها فمذموم أيضا
07:31لأنه بغير نور الله
07:33ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور
07:38لأن الشارع أعلم بمصالح الكافة فيما هو مغيب عنهم من أمور آخرتهم
07:46وأعمال البشر كلها عائدة عليهم في معادهم
07:51من ملك أو غيره
07:54قال صلى الله عليه وسلم إنما هي أعمالكم ترد عليكم
08:01وأحكام السياسة إنما تطلع على مصالح الدنيا فقط
08:06يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا
08:10ومقصود الشارع بالناس صلاح آخرتهم
08:15فوجب بمقتضى الشرائع حمل الكافة على الأحكام الشرعية في أحوال دنياهم
08:22وآخرتهم
08:24وكان هذا الحكم لأهل الشريعة وهم الأنبياء ومن قام فيه مقامهم وهم الخلفاء
08:33فقد تبين لك من ذلك معنى الخلافة
08:37وأن الملكة الطبيعية هو حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة
08:43والسياسي هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنياوية ودفع المضار
08:54والخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية
09:02والدنيوية الراجعة إليها
09:05إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة
09:13فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به
09:21فافهم ذلك واعتبره فيما نورده عليك من بعد
09:25والله الحكيم العليم
09:29ترجمة نانسي قنقر

Recommended