Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • yesterday
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00في مراتب الملك والسلطان وألقابها
00:05اعلم أن السلطان في نفسه ضعيف يحمل أمرا ثقيلا
00:11فلابد له من الاستعانة بأبناء جنسه
00:15وإذا كان يستعين بهم في ضرورة معاشه وسائر مهنه
00:21فما ظنك بسياسة نوعه ومن استرعاه الله من خلقه وعباده
00:26وهو محتاج إلى حماية الكافة من عدوهم بالمدافعة عنهم
00:32وإلى كف عدوان بعضهم على بعض من أنفسهم
00:36بإمضاء الأحكام الوازعة فيهم
00:38وكف العدوان عليهم في أموالهم بإصلاح سابلتهم
00:43وإلى حملهم على مصالحهم وما تعمهم به البلوى في معاشهم ومعاملاتهم
00:51من تفقد المعايش والمكاييل والموازين حذرا من التطفيف
00:57وإلى النظر في السكة بحفظ النقود التي يتعاملون بها من الغش
01:04وإلى سياستهم بما يريده منهم من الانقياد له والرضى بمقاصده منهم
01:11وانفراده بالمجد دونهم
01:14فيتحمل من ذلك فوق الغاية من معاناة القلوب
01:19قال بعض الأشراف من الحكماء
01:21لمعاناة نقل الجبال من أماكنها أهون علي من معاناة قلوب الرجال
01:28ثم إن الاستعانة إذا كانت بأولي القرب من أهل النسب
01:34أو التربية أو الاصطناع القديم للدولة كانت أكمل
01:38لما يقع في ذلك من مجانسة خلقهم لخلقه
01:43فتثم المشاكلة في الاستعانة
01:47قال تعالى
01:49واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي
01:55أشدد به أزري وأشركه في أمري
02:00وهو إما أن يستعين في ذلك بسيفه أو قلمه أو رأيه أو معارفه
02:08أو بحجابه عن الناس
02:13أي يزدهموا عليه فيشغلوه عن النظر في مهماتهم
02:18أو يدفع النظر في الملك كله ويعول على كفايته في ذلك والطلاعه
02:25فلذلك قد توجد في رجل واحد وقد تفترق في أشخاص
02:31وقد يتفرع كل واحد منها إلى فروع كثيرة
02:36كالقلم يتفرع إلى قلم الرسائل والمخاطبات
02:41وقلم السكوك والإقطاعات
02:44وإلى قلم المحاسبات
02:46وهو صاحب الجباية والعطاء وديوان الجيش
02:50وكالسيف يتفرع إلى صاحب الحرب
02:53وصاحب الشرطة
02:54وصاحب البريد
02:56وولاية الثغور
02:57ثم أعلم أن الوظائف السلطانية في هذه الملة الإسلامية
03:03مندرجة تحت الخلافة لاجتمال منصب الخلافة على الدين والدنيا كما قدمناه
03:09فالأحكام الشرعية متعلقة بجميعها وموجودة لكل واحد منها في سائر وجوهها
03:17لعموم تعلق الحكم الشرعي بجميع أفعال العباد
03:22والفقيه ينظر في مرتبة الملك والسلطان وشروط تقليدها استبدادا على الخلافة وهو معنى السلطان
03:30أو تعويضا منها وهي معنى الوزارة عندهم كما يأتي
03:35وفي نظره في الأحكام والأموال وسائر السياسات مطلقا أو مقيدا
03:42أو في مجبات العزل إن عرضت
03:45وغير ذلك من معاني الملك والسلطان
03:48وكذا في سائر الوظائف التي تحت الملك والسلطان من وزارة أو جباية أو ولاية
03:55لا بد للفقيه من النظر في جميع ذلك لما قدمناه من انسحاب حكم الخلافة الشرعية في الملة الإسلامية
04:03على رتبة الملك والسلطان
04:06وإنما تكلمنا في الوظائف الخلافية وأفردناها لنميز بينها وبين الوظائف السلطانية فقط
04:14لا لتحقيق أحكامها الشرعية فليس من غرض كتابنا
04:19وإنما نتكلم في ذلك بما تقل تضيه طبيعة العمران في الوجود الإنساني
04:25والله الموفقة
04:27الوزارة وهي أم الخطط السلطانية والرتب الملوكية
04:32لأن اسمها يدل على مطلق الإعانة
04:36فإن الوزارة مأخوذة إما من الموازرة وهي المعاونة أو من الوزر وهو الثقل
04:43كأنه يحمل مفاعله أو زاره وأثقاله
04:48وهو راجع إلى المعاونة المطلقة
04:51وقد كنا قدمنا في أول الفصل أن أحوال السلطان وتصرفاته لا تعد أربعة
04:58لأنها إما أن تكون في أمور حماية الكافة
05:04وأسبابها من النظر في الجند والسلاح والحروب وسائر أمور الحماية والمطالبة
05:10وصاحب هذا هو الوزير المتعارف في الدول القديمة بالمشرق
05:15ولهذا العهد بالمغرب
05:17وإما أن تكون في أمور مخاطباته لمن بعد عنه في المكان أو في الزمان
05:24وتنفيذه الأوامر في من هو محجوب عنه وصاحب هذا هو الكاتب
05:30وإما أن تكون في أمور جباية المال وإنفاقه
05:36وضبط ذلك من جميع وجوهه أن يكون بمضيعة
05:40وصاحب هذا هو صاحب المال والجباية
05:44وهو المسمى بالوزير لهذا العهد بالمشرق
05:47إلا أن لرفع منها ما كانت الإعانة فيه عامة فيما تحت يد السلطان من ذلك الصنف
05:56إذ هو يقتضي مباشرة السلطان دائما ومشاركته في كل صنف من أحوال ملكه
06:03وأما ما كان خاصا ببعض الناس أو ببعض الجهات
06:08فيكون دون الرتبة الأخرى كقيادة ثغر أو ولاية جباية خاصة
06:13أو نظر في أمر خاص كحسبة الطعام أو النظر في السكة
06:19فإن هذه كلها نظر في أحوال خاصة
06:27فيكون صاحبها تبعا لأهل النظر العام
06:31وتكون رتبته مرؤوسة لأولئك
06:34وما زال الأمر في الدول قبل الإسلام
06:38هكذا حتى جاء الإسلام وصار الأمر خلافة
06:41فذهبت تلك الخطط كلها بذهاب رسم الملك
06:46إلا ما هو طبيعي من المعاونة بالرأي والمفاوضة فيه
06:50فلم يمكن زواله إذ هو أمر لا بد منه
06:55فكان صلى الله عليه وسلم
06:57يشاور أصحابه ويفاوضهم في محماته العامة والخاصة
07:03ويخص مع ذلك أبا بكر بخصوصيات أخرى
07:09حتى كان العرب الذين عرفوا الدول وأحوالها في كسرى وقيصر والنجاشي
07:16يسمون أبا بكر وزيره
07:19لم يكن لفظ الوزير يعرف بين المسلمين لذهاب رتبة الملك بسذاجة الإسلام
07:27وكذا عمر مع أبي بكر
07:29وعلي وعثمان مع عمر
07:32وأما حال الجباية والإنفاق والحسبان
07:36فلم يكن عندهم برتبة
07:39لأن القوم كانوا عربا أميين لا يحسنون الكتاب والحساب
07:44فكانوا يستعملون في الحساب أهل الكتاب أو أفرادا من موالي العجم ممن يجيده
07:51وكانوا قليلا فيهم
07:53وأما أشرافهم فلم يكونوا يجيدونه
07:58لأن الأمية كانت صفتهم التي امتازوا بها
08:02وكذا حال المخاطبات وتنفيذ الأمور
08:06لم تكن عندهم رتبة خاصة للأمية التي كانت فيهم
08:11والأمانة العامة في كتمان القول وتأديته
08:15ولم تحوج السياسة إلى اختياره
08:17لأن الخلافة إنما هي دين ليس من السياسة الملكية في شيء
08:23وأيضا فلم تكن الكتابة صناعة فيستجاد للخليفة أحسنها
08:29لأن الكل كانوا يعبرون عن مقاصرهم بأبلغ العبارات
08:34ولم يبق إلا الخط فكان الخليفة يستنيب في كتابته
08:39متى عن لهم من يحسنه
08:42وأما مدافعة ذوي الحاجات عن أبوابهم فكان محظورا بالشريعة فلم يفعلوه
08:48فلما انقلبت الخلافة إلى الملك وجاءت رسوم السلطان وألقابه
08:55كان أول شيء بدأ به في الدولة شأن الباب وسده دون الجمهور
09:02بما كانوا يخشون على أنفسهم من اغتيال الخوارج وغيرهم
09:07كما وقع بعمر وعلي ومعاوية وعمر بين العاص وغيرهم
09:13مع ما في فتحه من ازدحام الناس عليهم
09:18وشغلهم بهم عن المهمات
09:21فاتخذوا من يقوم لهم بذلك وسموه الحاجب
09:25ثم استفحل الملك بعد ذلك فظهر المشاور والمعين في أمور القبائل والعصائب
09:33واستئلافهم وأطلق عليه اسم الوزير
09:36وبقي أمر الحسبان في الموالي والذميين
09:40واتخذ للسجلات كاتب مخصوص حوطة على أسرار السلطان أن تشتهر
09:47فتفسد سياسته مع قومه
09:49ولم يكن بمثابة الوزير لأنه إن محتيج له من حيث الخط والكتاب لا من حيث اللسان الذي هو الكلام
10:01إذ اللسان لذلك العهد على حاله
10:05فكانت الوزارة لذلك أرفع رتبهم يومئذ
10:11هذا في سائر دولة بني أمية
10:14فكان النظر إلى الوزير عاما في أحوال التدبير والمفاوضات وسائر أمور الحمايات والمطالبات
10:22وما يتبعها من النظر في ديوان الجند وفرض العطاء بالأهلة وغير ذلك
10:29فلما جاءت دولة بني العباس واستفحل الملك وعظمت مراتبه وارتفعت عظم شأن الوزير
10:38وصارت إليه النيابة في إنفاذ الحل والعقد وتعينت مرتبته في الدولة
10:45وعنت لها الوجوه وخضعت لها الرقاب
10:48وجوعل النظر في ديوان الحسبان لما تحتاج إليه خطته من قسم العطيات في الجند
10:57فاحتاج إلى النظر في جمعه وتفريقه
11:00وأضيف إليه النظر فيه
11:03ثم جعل له النظر في القلم والترسيل لصون أسرار السلطان
11:08ولحفظ البلاغة لما كان اللثان قد فسد عند الجمهور
11:15وجعل الخاتم لسجلات السلطان ليحفظها من الذياع والشياع
11:21ودفع إليه فصار اسم الوزير جامعا لخطتي السيف والقلم
11:27وسائر معاني الوزارة والمعاونة
11:30حتى لقد دعي جعفر بن يحيا بالسلطان أيام الرشيد
11:35إشارة إلى عموم نظره وقيامه بالدولة
11:39ولم يخرج عنه من الرتب السلطانية كلها
11:43إلا الحجابة التي هي القيام على الباب
11:47فلم تكن له لاستنكافه عن مثل ذلك
11:50ثم جاء في الدولة العباسية شأن الاستبداد على السلطان
11:55وتعاور فيها استبداد الوزارة مرة والسلطان أخرى
12:00وصار الوزير إذا استبد محتاجا إلى استنابة الخليفة إياه
12:05لذلك لتصح الأحكام الشرعية وتجيء على حالها كما تقدم
12:12فانقسمت الوزارة حينئذ إلى وزارة تنفيذ
12:17وهي حال ما يكون السلطان قائما على نفسه
12:21وإلى وزارة تفويض
12:23وهي حال ما يكون الوزير مستبدا عليه
12:27ثم استمر الاستبداد وصار الأمر لملوك العجم
12:31وتعطل رسم الخلافة
12:33ولم يكن لأولئك المتغلبين أن ينتحلوا ألقاب الخلافة
12:38واستنكفوا من مشاركة الوزراء في اللقب لأنه خول لهم
12:45فتسموا بالإمارة والسلطان
12:47وكان المستبد على الدولة يسمى أمير الأمراء أو السلطان
12:53إلى ما يحليه به الخليفة من ألقابه
12:59كما تراه في ألقابهم
13:01وترك اسم الوزارة إلى من يتولاها للخليفة وخاصته
13:06ولم يزل الشأن عندهم إلى آخر دولتهم
13:10وفسد اللسان خلال ذلك كله
13:13وصارت صناعة ينتحلها بعض الناس
13:17فامتهنت وترفع الوزراء
13:19ولأنهم عجم
13:20وليست تلك البلاغة هي المقصودة من لسانهم
13:25فتخير لها من سائر الطبقات
13:29واختصت
13:30وصارت خدمة للوزير
13:32واختص اسم الأمير بصاحب الحروب والجند ما يرجع إليها
13:37ويده مع ذلك عالية على أهل الرتب
13:42وأمره نافذ في الكل نيابة أو استبعدادا واستمر الأمر على ذلك
13:48ثم جاء الدولة الترك آخرا بمصر
13:52فرأوا أن الوزارة قد اعتذلت بترفع أولئك عنها
13:56ودفعها لمن يقوم بها للخليفة المحجور
14:00ونظره مع ذلك متعب بنظر الأمير
14:05فصارت مرؤوسية ناقصة
14:08فاستنكف أهل هذه الرتبة العالية في الدولة عن اسم الوزارة
14:12وصار صاحب الأحكام والنظر في الجند يسمى عندهم بالنائب لهذا العهد
14:18وبقي اسم الحاجب في مدلوله
14:21واختص اسم الوزير عندهم بالنظر في الحجابة
14:26وأما دولة بني أمية بالأندلس فأنف اسم الوزير في مدلوله أول الدولة
14:33ثم قسموا خطته أصنافا وأفردوا لكل صنف وزيرا
14:38فجعلوا لحسبان المال وزيرا وللترسيل وزيرا
14:42وللنظر في حوائج المظلومين وزيرا
14:46وللنظر في أحوال أهل الثغور وزيرا
14:50وجعل لهم بيت يجلسون فيه على فرش منضدة لهم
14:54وينفذون أمر السلطان هناك كل فيما جعل له
14:59وأفرد للتردد بينهم وبين الخليفة واحد منهم
15:04ارتفع عنهم بمباشرة السلطان في كل وقت
15:08فارتفع مجلسه عن مجالسهم وخصوه باسم الحاجب
15:13ولم يزل الشأن هذا إلى آخر دولتهم
15:17فارتفعت خطة الحاجب ومرتبته على سائر الرتب
15:22حتى صار ملوك الطوائف ينتحلون لقبها
15:26فأكثرهم يومئذ يسمى الحاجب كما نذكره
15:32الحجابة
15:33قد قدمنا أن هذا اللقب كان مخصوصا في الدولة الأموية والعباسية
15:39بمن يحجب السلطان عن العامة ويغلق بابه بدونهم
15:44أو يفتح لهم على قدره في مواقيته
15:47وكانت هذه منزلة يومئذ عن الخطة مرؤوسة لها
15:53إذ الوزير متصرف فيها بما يراه
15:57وهكذا كانت سائر أيام بني العباس وإلى هذا العهد
16:02فهي مرؤوسة لصاحب الخطة العليا المسمى بالنائب
16:07وأما دولة الترك بمصر فاسم الحاجب عندهم
16:12موضوع لحاكم من أهل الشوك وهم الترك
16:15ينفذ الأحكام بين الناس في المدينة
16:19وهم متعددون وهذه الوظيفة عندهم
16:22تحت وظيفة النيابة التي لها الحكم في أهل الدولة
16:27وفي العام على الإطلاق
16:30وللنائب التولية والعزل في بعض الوظائف على الأحيان
16:34ويقطع القليل من الأرزاق ويثبتها
16:38وتنفذ أوامره كما تنفذ المراسم السلطانية
16:43وكان له النيابة المطلقة عن السلطان
16:47وللحجاب الحكم فقط في طبقات العامة والجند عند الترافع إليهم
16:55وإجبار من أبى الانقياد للحكم
16:59وطورهم تحت طور النيابة
17:01والوزير في دولة الترك هو صاحب الجباية
17:05ثم الأموال في الدولة على اختلاف أصنافها من خراج أو مكس أو جزية
17:11ثم في تصريفها في الاتفاقات السلطانية أو الجرايات
17:16والتنفيذ على اختلاف مراتبهم وتباين أصنافهم
17:20ومن عوائدهم أن يكون هذا الوزير من صنف القبط القائمين على ديوان الحسبان والجباية
17:28لاختصاصهم بذلك في مصر منذ عصور قديمة
17:32وأما في الدولة الأموية بالأندلس
17:36فكانت الحجابة لمن يحجب السلطان عن الخاصة والعامة
17:41ويكون واسطة بينه وبين الوزراء فمن دونهم
17:46فكانت في دولتهم رفيعة غاية كما تراه في أخبارهم
17:52ديوان الأعمال والجبايات
17:55اعلم أن هذه الوظيفة من الوظائف الضرورية للملك
18:01وهي القيام على أعمال الجبايات وحفظ حقوق الدولة في الدخل والخرج
18:07وإحصاء العساكر بأسمائهم وتقدير أرزاقهم وصرف أعطياتهم في إباناتها
18:15والرجوع في ذلك إلى القوانين التي يرتبها قومة تلك الأعمال
18:21وقهارمة الدولة وهي كلها مصطورة في كتاب شاهد بتفاصيل ذلك في الدخل والخرج
18:29مبني على جزء كبير من الحساب لا يقوم به إلا المهارة من أهل تلك الأعمال
18:37ويسمى ذلك الكتاب بالديوان وكذلك مكان جلوس العمال المباشرين لها
18:44ويقال إن أصل هذه التسمية أن كسرى نظر يوما إلى كتاب ديوانه
18:51وهم يحسبون على أنفسهم كأنهم يحادثون
18:55فقال ديوانه أي مجانين بلغة الفرس
19:01فسمي موضعهم بذلك
19:03وحذفت الهاء لكثرة الاستعمال تخفيفا فقيل ديوان
19:09ثم نقل هذا الاسم إلى كتاب هذه الأعمال المتضمن للقوانين والحسبانات
19:18وقيل إنه اسم للشياطين بالفارسية
19:23سمي الكتاب بذلك لسرعة نفوذهم في فهم الأمور ووقوفهم على الجلي والخفي
19:31وجمعهم لما شد وتفرق
19:34ثم نقل إلى مكان جلوسهم لتلك الأعمال
19:37وعلى هذا فيتناول اسم الديوان كتاب الرسائل ومكان جلوسهم
19:45بباب السلطان على ما يأتي بعد
19:48وقد تفرد هذه الوظيفة بناظر واحد ينظر في سائر هذه الأعمال
19:56وقد يفرد كل صنف منها بناظر
20:00كما يفرد في بعض الدول النظر في العساكر وإقطاعاتهم وحسبان أعطياتهم
20:08أو غير ذلك على حساب مصطلح الدولة وما قرره أولوها
20:13واعلم أن هذه الوظيفة إنما تحدث في الدول عند تمكن الغلب والاستيلاء والنظر
20:22في أعطاف الملك وفنون التمهيد
20:26وأول من وضع الديوان في الدولة الإسلامية عمر رضي الله عنه
20:31يقال لسبب مال أتى به أبو هريرة رضي الله عنه من البحرين
20:37فاستكثروه وتعبوا في قسمه
20:40فسموا إلى إحصاء الأموال وضبط العطاء والحقوق
20:46فأشار خالد بن الوليد بالديوان وقال رأيت ملوك الشام يدونون
20:52فقبل منه عمر وقيل بل أشار عليه به الهرمزان
20:58لما رآه يبعث البعوث بغير الديوان
21:02فقيل له ومن يعلم بغيبة من يغيب منهم
21:07فإن من تخل فأخل بمكانه
21:10وإنما يضبط ذلك الكتاب فأثبت لهم ديوانا
21:15وسأل عمر عن اسم الديوان فعبر له
21:19وأما ما يتعلق بهذه الوظيفة من الأحكام الشرعية
21:24مما يختص بالجيش أو بيت المال في الدخل والخرج
21:29وتمييز النواحي بالصلح والعنوة
21:31وفي تقليد هذه الوظيفة لمن يكون
21:34وشروط الناظر فيها والكاتب وقوانين الحسبانات
21:39فأمر راجع إلى كتب الأحكام السلطانية
21:43وهي مصطورة هناك وليس من غرض كتابنا
21:47وإنما يتكلم فيها من حيث طبيعة الملك
21:54الذي نحن بصدد الكلام فيه
21:56وهذه الوظيفة جزء عظيم من الملك
21:59بل هي ثالثة أركانه
22:01لأن الملك لابد له من الجند والمال والمخاطبة
22:05لمن غاب عنه
22:07فاحتاج صاحب الملك
22:09إلى الأعوان في أمر السيف وأمر القلم
22:13وأمر المال
22:14فينفرد صاحبها
22:16لذلك بجزء من رياسة الملك
22:18وكذلك كان الأمر في دولة بني أمية
22:21بالأندلس
22:22والطوائث بعدهم
22:24ديوان الرسائل والكتابة
22:26هذه الوظيفة غير ضرورية في الملك
22:30لاستغناء كثير من الدول عنها رأسا
22:33كما في الدول العربية في البداوة
22:35التي لا يأخذها تهديب الحضارة
22:38ولا استحكام الصنائع
22:40وإنما أكد الحاجة إليها
22:43في الدولة الإسلامية
22:45شأن اللسان العربي
22:47والبلاغة في العبارة عن المقاصد
22:50فصار الكتاب يؤدي كنها الحاجة
22:55بأبلغ من العبارة اللسانية في الأكثر
22:59وكان الكاتب للأمير يكون من أهل نسبه
23:02ومن عظماء قبيلة
23:04كما كان للخلفاء وأمراء الصحابة بالشام والعراق
23:08لعظم أمانتهم وخلوص أسرارهم
23:12فلما فسد اللسان وصار صناعة اختصة بمن يحسنه
23:17وكانت عند بني العباس رفيعة
23:20وكان الكاتب يصدر السجلات مطلقة
23:24ويكتب في آخر هسمه
23:26ويختم عليها السلطان
23:29وهو طابع منقوش فيه اسم السلطان
23:33أو شارته
23:34يغمس في طين أحمر
23:36مذاب بالماء
23:38ويسمى طين الختم
23:40ويطبع به على طرفي السجل
23:44عند طيه وإلصاقه
23:46ثم صارت السجلات من بعدهم
23:50تصدر باسم السلطان ويضع الكاتب فيها علامته أولا أو آخرة
23:56على حسب الاختيار في جملها وفي لفظها
24:00ثم قد تنزل هذه الخطة بارتفاع المكان عند السلطان لغير صاحبها
24:06من أهل المراتب في الدولة أو استبداد وزير عليه
24:09فتصير علامة هذا الكتاب ملغاة الحكم بعلامة الرئيس
24:15وقد يختص السلطان بنفسه بوضع ذلك
24:20إذا كان مستبدا بأمره قائما على نفسه
24:23فيرسم الأمر للكاتب ليضع علامته
24:27ومن خطط الكتابة التوقيع وهو أن يجلس الكاتب بين يدي السلطان في مجالس حكمه وفصله
24:37ويوقع على القصص المرفوعة إليه أحكامها والفصل فيها
24:45متلقاتا من السلطان بأوجز لفظ وأبلغه
24:48فإما أن تصدر كذلك وإما أن يحدو الكاتب على مثالها في سجلي يكون بيد صاحب القصة
24:57ويحتاج الموقع إلى عارضة من البلاغة يستقيم بها توقيعه
25:03واعلم أن صاحب هذه الخطة لا بد أن يتخير من أرفع طبقات الناس وأهل المرؤة والحشمة منهم
25:12والزيادة العلم وعارضة البلاغة
25:15فإنه معرض للنظر في أصول العلم لما يعرض في مجالس الملوك ومقاصد أحكامهم من أمثال ذلك
25:23مع ما تدعو إليه عشرة الملوك من القيام على الآداب والتخلق بالفضائل
25:30مع ما يضطر إليه في الترسيل وتطبيق مقاصد الكلام من البلاغة وأسرارها
25:36وقد تكون الرتبة في بعض الدول مستندة إلى أرباب السيوف
25:42لما يقضيه طبع الدولة من البعد عن معاناة العلوم لأجل سذاجة العصبية
25:48فيختص السلطان أهل عصبيته بخطط دولته وسائر رتبه
25:54فيقلد المال والسيف والكتابة منهم
25:58فأما رتبة السيف فتستغني عن معاناة العلم
26:03وأما المال والكتابة فيضطر إلى ذلك للبلاغة في هذه والحسبان في الأخرى
26:10فيختارون لها من هذه الطبقة ما دعت إليه الضرورة ويقلدونه
26:16إلا أن تكون يد آخر من أهل العصبية عالية على يده
26:23ويكون نظره متصرفا عن نظره
26:26كما هو في دولة الترك لهذا العهد بالمشرق
26:30فإن الكتابة عندهم وإن كانت لصاحب الإنشاء
26:34إلا أنه تحت يد أمير من أهل عصبية السلطان
26:38يعرف بالدويدار
26:40وتعويل السلطان ووثوقه به
26:43واستنامته في غالب أحواله إليه
26:47وتعويله على الآخر في أحوال البلاغة
26:50وتطبيق المقاصد وكتمان الأسرار
26:53وغير ذلك من توابعها
26:55وأما شروط المعتبرة في صاحب هذه الرتبة
27:00التي يلاحظها السلطان في اختياره وانتقائه من أصناف الناس
27:06فهي كثيرة
27:07وأحسن من استوعبها عبد الحميد الكاتب في رسالته إلى الكتابة
27:14أما بعد حفظكم الله يا أهل صناعة الكتابة
27:19فجعلكم معشر الكتاب في أشراف الجهات أهل الأدب والمروآت
27:25والعلم والرزانة
27:27بكم ينتظم للخلافة محاسنها وتستقيم أمورها
27:32وبنصائحكم يصلح الله للخلق سلطانهم وتعمر بلدانهم
27:38لا يستغني الملك عنكم ولا يوجد كاث إلا منكم
27:44فموقعكم من الملوك أسماعهم التي بها يسمعون
27:49وأبصارهم التي بها يبصرون
27:52وألسنتهم التي بها ينطقون
27:56وأيديهم التي بها يبطشون
27:59فأمتعكم الله بما خصكم من فضل صناعتكم
28:03أيها الكتاب أن يكون حليما في موضع الحلم
28:08فهيما في موضع الحكم
28:10مقداما موضع الإقدام
28:13محجما في موضع الإحجام
28:16مؤثرا للعفاف والعدل والإنصاف
28:19كتوما للأسرار
28:21وفيا عند الشدائد
28:23عالما بما يأتي من النوازل
28:26يضع الأمور مواضعها
28:29والطوارق في أماكنها
28:31قد نظر في كل فن من فنون العلم
28:35فأحكمه
28:36وإن لم يحكمه أخذ منه بمقدار ما يكتفي به
28:41يعرف بغزيرة عقله وحسن أدبه
28:45وفضل تجربته ما يرد عليه قبل وروده
28:49وعاقبة ما يصدر عنه قبل صدوره
28:53فيعد لكل أمر عدته وعتاده
28:57ويهيئ لكل وجه هيئته وعاداته
29:01فتنافسوا يا معشر الكتاب في صنوف الآداب
29:06وتفقهوا في الدين
29:08وابدأوا بعلم كتاب الله عز وجل
29:12والفرائض
29:13ثم العربية فإنها ثقاف ألسنتكم
29:17ثم أجيدوا الخط فإنه حلية كتبكم
29:22وراووا الأشعار
29:25وعرفوا غريبها ومعانيها
29:28وأيام العرب والعجم
29:30وأحاديثها وسيرها
29:33فإن ذلك معين لكم على ما تسمو إليه هممكم
29:38ولا تضيعوا النظر في الحساب
29:41فإنه قوام كتاب الخراج
29:44وارغبوا بأنفسكم عن المطامع سنيها ودنيها
29:50وسفساف الأمور ومحاقرها
29:53فإنها مذلة للرقاب
29:55مفسدة للكتاب
29:58ونزهوا صناعتكم عن الدناء
30:01واربأوا بأنفسكم عن السعاية والنميمة
30:05وما فيه أهل الجهالات
30:07وإياكم والكبر والسخف والعظمة
30:11فإنها عداوة مجتلبة من غير إحنى
30:16وتحابوا في الله عز وجل في صناعتكم
30:21وتواصوا عليها بالذي هو أليق لأهل الفضل والعدل والنبل من سلفكم
30:29وإن نبى الزمان برجل منكم
30:32فاعطفوا عليه وواسوه حتى يرجع إليه حاله
30:36ويثوب إليه أمره
30:39وإن أقعد أحدا منكم الكبر عن مكسبه ولقاء إخوانه
30:44فزوروه وعظموه وشاوروه واستظهروا بفضل تجربته وقديم معرفته
30:51وليكن الرجل منكم على من اصطنعه واستظهر به ليوم حاجته إليه
30:59أحوط منه على ولده وأخيه
31:02فإن عرضت في الشغل محمدة فلا يصرفها إلا إلى صاحبه
31:08وإن عرضت مدمة فليحملها هو من دونه
31:13وليحذر السقطة والزلة والملل عند تغير الحال
31:19وإذا ولي الرجل منكم أو صير إليه من أمر الخلق الله وعياله أمر فليراقب الله عز وجل
31:29وليؤثر طاعته
31:32وليكن مع الضعيف رفيقا وللمظلوم منصفا
31:36فإن الخلق عيال الله وأحبهم إليه أرفقهم بعياله
31:42ثم ليكن بالعدل حاكما وللأشراف مكرما وللفيء موفرا وللبلاد عامرا وللرعية متألفا
31:53وعن أذاهم مختلف متخلفا
31:56وليكن في مجلسه متواضعا حليما
32:00وفي سجلات خراجه واستقضاء حقوقه رفيقا
32:04وإذا صحب أحدكم رجلا فليختبر خلائقه
32:09فإذا عرف حسنها وقبيحها أعانه على ما يوافقه من الحسن
32:15واحتال على صرفه عما يهواه من القوح بألطف حيلة وأجمل وسيلة
32:22والكاتب لفضل أدبه وشريف صنعته
32:26ولطيف حيلته ومعاملته لمن يحاوره من الناس ويناظره ويفهم عنه
32:32أو يخاف سطوته
32:35أو لا بالرفق لصاحبه ومداراته وتقويم أوده
32:39ألا فارفقوا رحمكم الله في النظر
32:43وعملوا ما أمكنكم فيه من الروية والفكر
32:48ويصير منكم إلى الموافقة وتصير منه إلى المواخات والشفقة إن شاء الله
32:55ولا يجاوزن الرجل منكم في هيئة مجلسه وملبسه ومركبه ومطعمه
33:02ومشربه وبنائه وخدمه وغير ذلك من فنون أمره قدر حقه
33:09فإنكم مع ما فضلكم الله به من شرف صنعتكم
33:13خدمة لا تحملون في خدمتكم على التقصير
33:17حفظة لا تحتمل منكم أفعال التضييع والتبذير
33:21واستعينوا على عثافكم بالقصد في كل ما ذكرته لكم وقصصته عليكم
33:27واحذروا متالف السرف وسوء عاقبة الترف
33:32فإنهما يعقبان الفقر ويذلان الرقاب ويفضحان أهلهما ولا سيم الكتاب وأرباب الآداب
33:43وللأمور أشباه وبعضها دليل على بعض
33:48فاستدلوا على مؤتنف أعمالكم بما سبقت إليه تجربتكم
33:53ثم اسلكوا من مسالك التدبير أوضحها محجة وأصدقها حجة
33:59وأحمدها عاقبة
34:01واعلموا أن للتدبير آفة مطلفة وهو الوصف الشاغل لصاحبه عن إنفاذ علمه ورويته
34:11فليقصد الرجل منكم في مجلسه قصد الكافي من منطقه
34:17وليوجد في ابتدائه وجوابه
34:20وليأخذ بمجامع حججه
34:23فإن ذلك مصلحة لفعله ومدفعة للشاغل عن إكثاره
34:29وليضرع إلى الله في صلة توفيقه وإمداده بتسديده
34:35مخافة وقوعه في الغلط المضر ببدنه وعقله وآدابه
34:40فإنه إن ظن منكم ظن أو قال قائل إن الذي برز من جميل صنعته
34:48وقوة حركته إنما هو بفضل حيلته وحسن تدبيره
34:53فقد تعرض بحسن ظنه أو مقالته إلى أن يكله الله عز وجل إلى نفسه
35:01فيصير منها إلى غير كاف وذلك على من تأمله غير خاف
35:08ولا يقول أحد منكم أنه أبصر بالأمور وأحمل لعبئ التدبير
35:15من مرافقه في صناعته ومصاحبه في خدمته
35:19فإن أعقل الرجلين عند ذوي الألباب من رمي بالعجب ورأى ظهره
35:27ورأى أن أصحابه أعقل منه وأجمل في طريقته
35:31تولانا الله وإياكم يا معشر الطلبة
35:35والكتب بما يتولى به من سبق علمه
35:39بإسعاده وإرشاده
35:41فإن ذلك إليه وبيده
35:44والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
35:47الشرطة ويسمى صاحبها لهذا العهد بإفريقية الحاكم
35:53وفي دولة أهل الأندلس صاحب المدينة
35:58وفي دولة الترك الوالي
36:00وهي وظيفة مرؤوسة لصاحب السيف في الدولة
36:05وحكمه نافذ في صاحبها في بعض الأحيان
36:08وكان أصل وضعها في الدولة العباسية
36:12لمن يقيم أحكام الجرائم في حال استبدائها أولا
36:18ثم الحدود بعد استفائها
36:21فإن التهم التي تعرض في الجرائم
36:24لا نظر للشرع إلا في استفاء حدودها
36:28وللسياسة النظر في استفاء مجباتها
36:32بإقرار يكرهه عليه الحاكم
36:35إذا احتفت به القرائن
36:39لما توجبه المصلحة العامة في ذلك
36:42فكان الذي يقوم بهذا الاستبداء
36:45وباستفاء الحدود بعده
36:47إذا تنزه عنه القاضي
36:49يسمى صاحب الشرطة
36:51وربما جعلوا إليه النظر في الحدود والدماء بإطلاق
36:57وأفردوها من نظر القاضي
37:00ونزهوا هذه المرتبة
37:02وقلدوها كبارا للقواد
37:04وعظماء الخاصة من مواليهم
37:08ولم تكن عامة التنفيذ في طبقات الناس
37:11إنما كان حكمهم على الدهماء وأهل الريب
37:15والضرب على أيدي الرعاع والفجر
37:18ثم عظمت نباهتها في دولة بني أميتة بالأندلس
37:24ونوعت إلى شرطة كبرى وشرطة صغرى
37:28وجعل حكم الكبرى على الخاصة والدهماء
37:32وجعل له الحكم على أهل المراتب السلطانية
37:38والضرب على أيديهم في الظلامات
37:41وعلى أيدي أقاربهم ومن إليهم من أهل الجاه
37:46وجعل صاحب الصغرى مخصوصا بالعامة
37:51ونصب لصاحب الكبرى كرسي بباب دار السلطان
37:56ورجال يتبوؤون المقاعد بين يديه
37:59فلا يبراحون عنها إلا في تصريفه
38:03وكانت ولايتها للأكابر من رجالات الدولة
38:08حتى كانت ترشيحا للوزارة والحجابة
38:12قيادة الأساطيل
38:15وهي من مراتب الدولة وخططها
38:18ومرؤوسة لصاحب السيف
38:20وتحت حكمه في كثير من الأحوال
38:23ويسمى صاحبها في عرفهم الملند
38:27بتفخيم اللام منقولا من لغة الفرنجة
38:31فإنه اسمها في اصطلاح لغتهم
38:34ولما ملك المسلمون مصر
38:37كتب عمر بن الخطاب إلى عمر بن العاص
38:41رضي الله عنهما أنصف للبحر
38:46فكتب إليه إن البحر خلق عظيم
38:50يركبه خلق ضعيف
38:53دود على عود
38:55فأوعز حينئذ بمنع المسلمين من ركوبه
38:59ولم يركبه أحد من العرب إلا من افتأت على عمر
39:03في ركوبه ونال من عقابه
39:06كما فعل بعرفجة ابن هرثمة
39:10الأزدي سيد بجيلة لما أغزاه عمان
39:14فبلغه غزوه في البحر
39:18فأنكر عليه وعنفه أنه ركب البحر للغزو
39:25ولم يزل الشأن ذلك
39:27حتى إذا كان لعهد معاوية أذن للمسلمين في ركوبه والجهاد على أعواده
39:34والسبب في ذلك أن العرب لبداوتهم لم يكونوا أول الأمر مهرة في ثقافته وركوبه
39:43والروم والإثرنجة لممارستهم أحواله ومرباهم في التقلب على أعواده
39:51مرنوا عليه وأحكموا الدراية بثقافته
39:55فلما استقر الملك للعرب
39:58وشمخ سلطانهم
40:00وصارت أمم العجم
40:02خولا لهم تحت أيديهم
40:04وتقرب كل ذي صنعة إليهم بمبلغ صناعته
40:09واستخدموا من النواتية
40:12في حاجاتهم البحرية
40:15أمما وتكررت ممارستهم للبحر وثقافته
40:20استحدثوا بصراء بها
40:22فشرعوا إلى الجهاد فيه
40:25وأنشأوا السفن فيه والشواني
40:29وشحنوا الأساطيل بالرجال والسلاح
40:32وأمطوها العساكر والمقاتلة
40:35لمن وراء البحر من أمم الكفر
40:38واختصوا بذلك من ممالكهم وثغورهم
40:42ما كان أقرب لهذا البحر
40:45وعلى حافته
40:47مثل الشام وإفريقية
40:49والمغرب والأندلس
40:52وأوعز الخليفة عبد الملك
40:55إلى حسان بن النعمان
40:57عامل إفريقية
40:59باتخاذ دار الصناعة بتونس
41:02لإنشاء الآلات البحرية
41:04حرصا على مراسم الجهاد
41:06ومنها كان فتح سقلية
41:09أيام زيادة الله الأول
41:13بن إبراهيم بن الأغلب
41:15على يد أسد بن الفرات
41:18شيخ الفتية
41:19وكان المسلمون لعهد الدولة الإسلامية
41:23قد غلبوا على هذا البحر
41:25من جميع جوانبه
41:26وعظمت صولتهم وسلطانهم فيه
41:29فلم يكن للأمم النصرانية
41:32قئ البال بأساطيلهم
41:34بشيء من جوانبه
41:36وامتطوا ظهره للفتح سائر أيامهم
41:39فكانت لهم المقامات المعلومة من الفتح والغناء
41:43وملكوا سائر الجزائر المنقطعة عن السواحل فيه
41:48مثل ميورقة ومنورقة
41:54ويابسة وسردانية وسقلية
41:58وقوسرة ومالطة وأقريطش
42:02وقبرص وسائر ممالك الروم والفرنج
42:07ثم تراجعت عن ذلك قوة المسلمين في الأساطيل لضعف الدولة
42:13ونسيان عوائد البحر
42:16بكثرة العوائد البدوية بالمغرب
42:18وانقطاع العوائد الأندلسية
42:21ورجع النصارى فيه إلى دينهم المعروف من الدربة فيه
42:26والميران عليه والبصر بأحواله
42:29وغلب الأمم في لجته وعلى أعواده
42:34وصار المسلمون فيه كالأجانب
42:39إلا قليلا من أهل البلاد الساحلية
42:43لهم الميران عليه
42:45لو وجدوا كثرة من الأمصار والأعوان
42:50أو قوة من الدولة تستجيش
42:53لهم أعوانا وتوضح لهم في هذا الغرض مثلك
42:57والمسلمون يستهبون الريح على الكفر وأهله
43:02فمن المشتهر بين أهل المغرب عن كتب الحدثان
43:07أنه لابد للمسلمين من الكرة على النصرانية
43:11وافتتاح ما وراء البحر من بلاد الفرنجة
43:14وأن ذلك يكون في الأساطيل
43:17والله ولي المؤمنين
43:20وهو حسبنا ونعم الوكيل