Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 2 days ago
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00في التفاوت بين مراتب السيف والقلم في الدول
00:05اعلم أن السيف والقلم كلاهما آلة لصاحب الدولة يستعين بهما على أمره
00:11إلا أن الحاجة في أول الدولة إلى السيف مادام أهلها في تمهيد أمرهم
00:18أشد من الحاجة إلى القلم
00:21لأن القلم في تلك الحال خادم فقط منفذ للحكم السلطاني
00:27والسيف شريك في المعونة
00:30وكذلك في آخر الدولة حيث تضعف عصبيتها كما ذكرناه
00:36وياقل أهلها بما ينالهم من الهرم الذي قدمناه
00:41فتحتاج الدولة إلى الاستظهار بأرباب السيوف وتقوّل حاجة إليهم في خماية الدولة
00:49والمدافعة عنها
00:51كما كان الشأن أول الأمر في تمهيدنا
00:55فيكون للسيف مزية على القلم في الحالتين
00:59ويكون أرباب السيف حينئذ أوسع جاها
01:03وأكثر نعمة وأثناء قطاع
01:07وأما في وسط الدولة فيستغني صاحبها بعض الشيء عن السيف
01:12لأنه قد تمهد أمره
01:15ولم يبق همه إلا في تحصيل ثمرات الملك من الجباية والضبط ومباهات الدول وتنفيذ الأحكام
01:24والقلم هو المعين له في ذلك
01:27فتعظم الحاجة إلى تصريفه وتكون السيوف مهملة في مضاجع أغمادها
01:34إلا إذا نابت نائبة أو دعيت إلى سد فرجة وما سوى ذلك فلا حاجة إليها
01:44فيكون أرباب الأقلام في هذه الحاجة أوسع جاها
01:49وأعلى رتبة وأعظم نعمة وثروة
01:53وأقرب من السلطان مجلسا وأكثر إليه ترددا
01:58وفي خلواته نجيا
02:00لأنه حينئذ آلته التي بها يستظهر على تحصيل ثمرات ملكه
02:08والنظر في أعطافه وتثقيف أطرافه
02:12والمباهات بأحواله
02:15ويكون الوزراء حينئذ وأهل السيوف مستغنا عنهم
02:19مبعدين عن باطن السلطان
02:22حذرين على أنفسهم بوادرة
02:25وفي معنى ذلك ما كتب به أبو مسلم
02:30للمنصور حين أمره بالقدوم
02:33أما بعد فإنه مما حفظناه من وصايا الفرس
02:37أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدهماء
02:41سنة الله في عباده
02:44والله سبحانه وتعالى أعلم
02:47في شارات الملك والسلطان الخاصة به
02:51اعلم أن للسلطان شارات وأحوال تقضيها الأبهة والبدخ
02:56فيختص بها ويتميز بانتحالها عن الرعية والبطانة وسائر الرؤساء في دولته
03:04فلنذكر ما هو مشتهر منها بمبلغ المعرفة
03:08الآلة
03:09فمن شارات الملك اتخاذ الآلة
03:12من نشر الألوية والرايات وقرع الطبول والنفخ في الأبواق والقرون
03:18وقد ذكر آرستو في الكتاب المنسوب إليه في السياسة
03:24أن السرة ذلك إرهاب العدو في الحرب
03:27فإن الأصوات الهائلة لها تأثير في النفوس بالروعة
03:31ولا عمري إنه وجداني في مواطن الحرب يجده كل أحد من نفسه
03:37وهذا السبب الذي ذكره آرستو إن كان ذكره فهو صحيح ببعض الاعتبارات
03:45وأما الحق في ذلك فهو أن النفس عند سماع النغم والأصوات
03:51يدركها الفرح والطرب بلا شك
03:54فيصيب مزاج الروح نشوة يستسهل بها الصعب
04:00ويستميت في ذلك الوجه الذي هو فيه
04:04وهذا موجود حتى في الحيوانات العجم
04:07بانفعال الإبل بالحداء
04:10والخيل بالصفير والصريخ كما علمت
04:13ويزيد ذلك تأثيرا
04:16إذا كانت الأصوات متناسبة كما في الغناء
04:20وأنت تعلم ما يحدث لسامعه من مثل هذا المعنى
04:25ولأجل ذلك تتخذ العجم في مواطن حروبهم
04:29الآلات الموسيقية لا طبلا ولا بوقا
04:33فيحدق المغنون بالسلطان في موكبه بآلاتهم ويغنون
04:40فيحركون نفوس الشجعان بضربهم إلى الاستماتة
04:44ولقد رأينا في حروب العرب من يتغنى أمام الموكب
04:49بالشعر ويطرب
04:51فتجيش همم الأبطال بما فيها
04:54ويسارعون إلى مجال الحرب وينبعث كل قرن إلى قرنه
05:00وأما تكثير الرايات وتلوينها
05:03وإطالتها فالقصد به التهويل لا أكثر
05:08وربما يحدث في النفوس من التهويل زيادة في الإقدام
05:14وأحوال النفوس وتلوناتها غريبة
05:18والله الخلاق العليم ثم إن الملوك والدول يختلفون في اتخاذ هذه الشعرات
05:25فمنهم مكثر ومنهم مقلل بحسب اتساع الدولة وعظمها
05:31فأما الرايات فإنها شعار الحروب من عهد الخليقة
05:35ولم تزل الأمم تعقدها في مواطن الحروب والغزوات
05:39لعهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده من الخلفاء
05:44وأما قرع الطبول والنفخ في الأبواق
05:48فكان المسلمون لأول الملة متجافين عنه
05:51تنزها عن غلظة الملك ورفضا لأحواله
05:55واحتقارا لأبهته التي ليست من الحق في شيء
06:00حتى إذا انقلبت الخلافة ملكا وتبجحوا بزهرة الدنيا ونعيمها
06:06ولا بسهم الموالي من الفرس والروم أهل الدولة السالفة
06:11وأروا هما كان أولئك ينتحلونه من مذاهب البذخ والترف
06:17فكان ما استحصنوه اتخاذ الآلة فأخذوها
06:22وأذنوا لعمالهم في اتخاذها تنويها بالملك وأهله
06:27فكثيرا ما كان العامل صاحب الثغر أو قائد الجيش
06:32يعقد الخليفة من العباسيين أو العبيديين لواءه
06:36ويخرج إلى بعثه أو عمله من دار الخليفة أو داره في موكب من أصحاب الرايات والآلات
06:45فلا يميز بين موكب العامل والخليفة إلا بكثرة الألوية وقلتها
06:52أو بمختص به الخليفة من الألوان لرايته كالسواد في رايات بني العباس
07:01وأما الاستكتار منها فلا ينتهي إلى حد
07:05وهم فيه بين مكثر ومقلل
07:08باختلاف مذاهب الدول في ذلك
07:10فمنهم من يقتصر على سبع من العدد
07:14تبركا بالسبعة كما هو في دولة الموحدين
07:18وبني الأحمر بالأندلس
07:20ومنهم من يبلغ الأشارة والعشرين كما هو عند زناتة
07:26وأما دولة الترك لهذا العهد بالمشرق
07:30فيتخذون أولا راية واحدة عظيمة
07:34وفي رأسها خصلة كبيرة من الشعر يسمونها الجاليش والجتر
07:40وهي شعار السلطان عندهم
07:43ثم تتعدد الرايات ويسمونها السناجقة
07:48واحدها السنجق وهي الراية بلسانهم
07:53وأما الطبول فيبالغون في الاستكثار منها ويسمونها الكوسات
07:59ويبيحون لكل أمير أو قائد عسكر
08:03أن يتخذ من ذلك ما يشاء إلا الجتر
08:07فإنه خاص بالسلطان
08:11السرير
08:12وأما السرير والمنبر
08:14والتخت والكرسي فهي أعواد منصوبة
08:19أو أرائك منضضة لجلوس السلطان عليها
08:23مترفعا عن أهل مجلسه
08:25أي يساويهم في الصعيد
08:28ولم يزل ذلك من سنن الملوك قبل الإسلام
08:32وفي دول العجم
08:33وقد كانوا يجلسون على أسرة الذهب
08:37وكان لسليمان بن داود
08:40صلوات الله عليهما وسلامه
08:44كرسي وسرير
08:46من عاج مغشي بالذهب
08:48إلا أنه لا تأخذ به الدول
08:52إلا بعد الاستفحال والترف
08:55شأن الأبهة كلها كما قلناه
08:59وأما في أول الدولة عند البداوة
09:03فلا يتشوفون إليه
09:05وأول من اتخذه في الإسلام معاوية
09:09واستأذن الناس فيه
09:11وقال لهم إني قد بدنت
09:14فأذنوا له
09:15اتخذه واتبعه الملوك الإسلاميون فيه
09:20وصار من منازع الأبهة
09:23ثم كان بعد ذلك لبني العباس والعبيديين
09:27وسائر ملوك الإسلام شرقا وغربا
09:31من الأسرة والمنابر والتخوت ما عفى عن الأكاسرة والقياصرة
09:36والله مقلب الليل والنهار
09:40السكة وهي الخطم على الدنانير والدراهم المتعامل
09:46بها بين الناس بطابع حديد ينقش فيه صور أو كلمات مقلوبة
09:53ويضرب بها على الدينار أو الدرهم
09:57فتخرج رسوم تلك النقوش عليها ظاهرة مستقيمة
10:02بعد أن يعتبر عيار النقد من ذلك الجنس في خلوصه بالسبق مرة بعد أخرى
10:10وبعد تقدير أشخاص الدراهم والدنانير بوزن معين صحيح يصطلح عليه
10:17فيكون التعامل بها عددا
10:20وإن لم تقدر أشخاصها يكون التعامل بها وزنا
10:26ولفظ السكة كان اسما للطابع وهي الحديدة المتخذة لذلك
10:33ثم نقل إلى أثرها وهي النقوش المائلة على الدنانير والدراهم
10:38ثم نقل إلى القيام على ذلك والنظر في استيفاء حاجاته وشروطه
10:45وهي الوظيفة فصار علما علما عليها في عرف الدول
10:50وهي وظيفة ضرورية للملك إذ بها يتميز الخالص من المغشوش بين الناس في النقود عند المعاملات
10:59ويتقون في سلامتها الغش بختم السلطان عليها بتلك النقوش المعروفة
11:06وكان ملوك العجم يتخذونها وينقشون فيها تماثيل تكون مخصوصة بها
11:13مثل تمثال السلطان لعهدها أو تمثيل حصن أو حيوان أو مصنوع أو غير ذلك
11:21ولم يزل هذا الشأن عند العجم إلى آخر أمرهم
11:26ولما جاء الإسلام أغفل ذلك لسذاجة الدين وبداوة العرب
11:32وكانوا يتعاملون بالذهب والفضة وزنا
11:35وكان الدنانير الفرس ودراهمهم بين أيديهم
11:39يردونها في معاملتهم إلى الوزن ويتصارفون بها بينهم
11:45إلى أن تفاحش الغش في الدنانير والدراهم لغفلة الدولة عن ذلك
11:52وأمر عبد الملك الحجاج على ما نقل سعيد بن المسيب وأبو الزناد
11:59بضرب الدراهم وتمييز المغشوش من الخالص وذلك السنة أربع وسبعين
12:05وصرفت عام ستة وسبعين وكان مكتوب عليها الله أحد
12:12الله الصمد
12:15ثم ولي بن هبيرة العراق
12:18فجود السكة ثم بالغ خالد القصري في تجويدها
12:24فلما رأى عبد الملك اتخاذ السكة لصيانة النقدين الجاريين في معاملة المسلمين من الغش
12:34عين مقدارها على هذا الذي استقر لعهد عمر رضي الله عنه
12:40واتخذ طابع الحديد
12:43واتخذ فيه كلمات لا صورا
12:46لأن العرب كان الكلام والبلاغة أقرب مناحيهم وأظهرها
12:53مع أن الشرع ينهى عن الصور
12:56فلما فعل ذلك استمر بين الناس في أيام الملة كلها
13:02وكان الدينار والدرهم على شكلين مدورين
13:06والكتابة عليهما في دوائر متوازنة
13:11يكتب فيها من أحد الوجهين
13:13أسماء الله تهليلا وتحميدا
13:18وصلاة على النبي وآله
13:21وفي الوجه الثاني التاريخ واسم الخليفة
13:25وهكذا أيام العباسيين والعبيديين والأمويين
13:31ومن بعد ذلك وقع اختيار أهل السكة
13:35في الدول على مخالفة المقدار الشرعي في الدينار والدرهم
13:41واختلفت في كل الأقطار والآفاق
13:45ورجع الناس إلى تصوير مقاديرهما الشرعية ذهنا كما كان في الصدر الأول
13:52وصار أهل كل أفق يستخرجون الحقوق الشرعية
13:56من سكنهم بمعرفة النسبة التي بينها وبين مقاديرها الشرعية
14:03وأما وزن الدينار بـ 72 حبة من الشعير الوسط
14:10فهو الذي نقله المحققون وعليه الإجماع إلا بن حزم
14:16وكذلك تعلم أن لوقية الشرعية ليست هي المتعارفة بين الناس
14:24لأن المتعارفة مختلفة باختلاف الأقطار
14:28والشرعية متحدة ذهنا لاختلاف فيها
14:32الخاتم وأما الخاتم فهو من الخطط السلطانية والوظائف الملوكية
14:38والختم على الرسائل والسكوك معروف للملوك قبل الإسلام وبعده
14:44وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى قيصر
14:51فقيل له إن العجم لا يقبلون كتابا إلا أن يكون مختوما
14:58فاتخذ خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول الله
15:04قال البخاري جعل ثلاث كلمات في ثلاثة أسطر وختم به لا ينقش أحد مثله
15:14قال وتختم به أبو بكر وعمر وعثمان
15:19ثم سقط من يد عثمان في بئر أريس
15:22وكانت قليلة الماء فلم يدرك قعرها بعد
15:27واغتم عثمان وتطير منه وصنع آخر على مثله
15:32وفي كيفية نقش الخاتم والختم به وجوه وذلك أن الخاتم يطلق على الآلة التي تجعل في الإصبع
15:41ومنه تختم إذا لبسه ويطلق على النهاية والتمام
15:47ومنه ختمت الأمر إذا بلغت آخرة
15:50ويكون هذا من معنى النهاية والتمام بمعنى صحة ذلك المكتوب ونفوذه
15:58كأن الكتاب إنما يتم العمل به بهذه العلامات
16:03وهو من دونها ملغي ليس بتمام
16:06وقد يكون هذا الختم بالخط آخر الكتاب أو أوله بكلمات منتظمة من تحميد أو تسبيح
16:15أو باسم السلطان أو الأمير أو صاحب الكتاب كائنا من كان
16:21والحزم للكتب يكون إما بدس الورق كما في عرف كتاب المغرب
16:28وإما بلسق رأس الصحيفة على ما تنطوي عليه من الكتاب كما في عرف أهل المشرق
16:35وقد يجعل على مكان الدس أو الإلصاق علامة يؤمن معها من فتحه والاطلاع على ما فيه
16:44الطراز من أبهة الملك والسلطان ومذاهب الدول أن ترسم أسماؤهم
16:51أو علامات تختص بهم في طراز أثوابهم المعدة للباسهم من الحرير أو الديباج أو الإبريس
17:01تعتبر كتابة خطها في نسج الثوب ألحاما وأسداءا بخيط الذهب
17:08أو ما يخالف لون الثوب من الخيوط الملونة من غير الذهب
17:14على ما يحكمه الصناع في تقدير ذلك ووضعه في صناعة نسجهم
17:20فتصير الثياب الملوكية معلمة بذلك الطراز قصد التنويه بلابسها من السلطان فمن دونه
17:30أو التنويه بمن يختصه السلطان بملبوسه إذا قصد تشريفه بذلك
17:37أو ولايته لوظيفة من وظائف دولته
17:41وكانت الدور المعدة لنسج أثوابهم في قصورهم تسمى
17:47دور الطراز لذلك
17:49وكان القائم على النظر فيها يسمى صاحب الطراز
17:54ينظر في أمور الصباغ والآلة والحاكة فيها
17:58وإجراء أرزاقهم وتسهيل آلاتهم ومشارفة أعمالهم
18:04وكانوا يقلدون ذلك لخواص دولتهم وثقات مواليهم
18:10وكذلك كان الحال في دولة بني أمية بالأندلس
18:14والطوائف من بعدهم
18:16وفي دولة العبيديين بمصر
18:19ومن كان على عهدهم من ملوك العجم بالمشرق
18:23ثم لما ضاق نطاق الدول عن الترف والتفنن فيه لضيق نطاقها في الاستيلاء
18:30وتعددت الدول
18:32تعطلت هذه الوظيفة والولاية عليها من أكثر الدول بالجملة
18:38وأما دولة الترك بمصر لهذا العهد
18:41ففيها من الطراز تحرير آخر
18:44على مقدار ملكهم وعمران بلادهم
18:48إلا أن ذلك لا يصنع في دورهم وقصورهم
18:51وليست من وظائف دولتهم
18:54وإنما ينسج ما تطلبه الدولة
18:57من ذلك عند صناعه من الحرير ومن الذهب الخالص
19:02ويسمونه المزركش
19:05وهي لفظة أعجمية
19:08ويرسم اسم السلطان أو الأمير
19:12عليه ويعده الصناع لهم فيما يعدونه للدولة من طرف الصناعة اللائقة بها
19:19والله مقدر الليل والنهار
19:22والله خير الوارثين
19:24الفساطيط والسياج
19:27اعلم أن من شارات الملك وترفه
19:30اتخاذ الأخبية والفساطيط والفازات من ثياب الكتان والصوف والقطن
19:36بجدل الكتان والقطن
19:38فيباهي بها في الأسفار
19:42وتنوع منها الألوان ما بين كبير وصغير
19:45على نسبة الدولة في الثروة واليسار
19:48وإنما يكون الأمر في أول الدولة في بيوتهم
19:52التي جرت عادتهم باتخاذها قبل الملك
19:57وكان العرب لعهد الخلفاء الأولين من بني أمية
20:01إنما يسكنون بيوتهم
20:03التي كانت لهم خياما من الوبر والصوف
20:07بعد ذلك فلما تفننت الدولة العربية في مذاهب الحضارة والبذخ
20:13ونزلوا المدن والأمصار
20:15وانتقلوا من سكن الخيام إلى سكن القصور
20:20ومن ظهر الخف إلى ظهر الحافر
20:23اتخذوا للسكنة في أسفارهم
20:26ثياب الكتان يستعملون منها بيوتا مختلفة الأشكال
20:31مقدرة الأمثال من القوراء والمستطيلة والمربعة
20:35ويحتفلون فيها بأبلغ مذاهب الاحتفال والزينة
20:40ويدير الأمير القائد للعساكر
20:43على فساطيطه وفازاته من بينهم سياجا من الكتان
20:49ثم جنحت الدعة بالنساء والولدان إلى المقام بقصورهم ومنازلهم
20:55فخف لذلك ظهرهم وتقاربت الساج بين منازل العسكر
21:01وجتمع الجيش والسلطان في معسكر واحد يحصره البصر
21:06في بسيطة زهوا أنيقا لاختلاف ألوانه
21:11واستمر الحال على ذلك في مذاهب الدول في بذخها وترفها
21:17حتى إذا أخذت الدولة في مذاهب الترف وسكن القصور
21:24عادوا إلى سكن الأخبية والفساطيط
21:27وبلغوا من ذلك فوق ما أرادوه وهو من الترف بمكان
21:32إلا أن العساكر به تصير عرضة للبيات لاجتماعهم في مكان واحد
21:40تشملهم فيه الصيحة ولخفتهم من الأهل والولد
21:44الذين تكون الاستماعة تدونهم
21:47فيحتاج في ذلك إلى تحفظ آخر
21:51والله القوي العزيز
21:53المقصورة للصلاة والدعاء في الخطبة
21:57وهما من الأمور الخلافية ومن شارات الملك الإسلامي
22:02ولم يعرف في غير دول الإسلام
22:05فأما البيت المقصورة من المسجد لصلاة السلطان
22:09فيتخذ سياجا على المحراب فيحوزه وما يليه
22:15فأول من اتخذها معاوية بن أبي سفيان حين طعنه الخارجي
22:21والقصة معروفة
22:23وقيل أول من اتخذها مروان بن الحكم حين طعنه اليماني
22:29ثم اتخذها الخلطاء من بعدهما
22:32وصارت سنة في تمييز السلطان عن الناس في الصلاة
22:36وهي إنما تحدث عند حصول الترف في الدول والاستفحال
22:41شأن أحوال الأبهة كلها
22:44وأما الدعاء على المنابر في الخطبة
22:48فكان الشأن أولا عند الخلفاء ولاية الصلاة بأنفسهم
22:52فكانوا يدعون لذلك بعد الصلاة بالصلاة
22:56على النبي صلى الله عليه وسلم والرضى عن أصحابه
23:01وأول من اتخذ المنبر عمر بن العاص
23:05لما بنى جامعة بمصر
23:08وأول من دعا للخليفة على المنبر بن عباس
23:11دعا لعلي رضي الله عنهما في خطوبته
23:15وهو بالبصرة عامل له عليها
23:18فقال اللهم منصر علي على الحق
23:22واتصل العمل على ذلك فيما بعد
23:25وبعد أخذ عمر بن العاص المنبر
23:28بلغ عمر بن الخطاب ذلك
23:33فكتب إليه عمر بن الخطاب
23:36أما بعد
23:37فقد بلغني أنك اتخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين
23:43أو ما يكفيك أن تكون قائما والمسلمون تحت عقبك
23:48فعزمت عليك إلا ما كسرته
23:52فلما حدثت الأبهة وحدث في الخلفاء المانع من الخطبة والصلاة
23:58استنابوا فيهما فكان الخطيب يشيد بذكر الخليفة على المنبر تنويها باسمه
24:05ودعاء له بما جعل الله مصلحة العالم فيه
24:09ولأن تلك الساعة مظنة للإجابة
24:13ولما ثبت عن السلف في قولهم من كانت له دعوة صالحة فليضعها في السلطان
24:20وكان الخليفة يفرد بذلك
24:23فلما جاء الحجر والاستبداد صار المتقلبون على الدول كثيرا ما يشاركون الخليفة في ذلك
24:31ويشاد باسمهم عقب اسمه
24:34وذهب ذلك بذهاب تلك الدول
24:37وصار الأمر إلى اختصاص السلطان بالدعاء له على المنبر دون من سواه
24:43وحضر أن يشاركه فيه أحد ويسمو إليه
24:48وكثيرا ما يغفل الماهدون من أهل الدول
24:52هذا الرسم عندما تكون الدولة في أسلوب الغضادة ومناح البداوة في التغافل والخشونة
25:00ويقنعون بالدعاء على الإبهام والإجمال لمن ولي أمور المسلمين
25:06وهكذا شأن الدول في بدايتها وتمكنها في الغضادة والبداوة
25:13فإذا انتبهت عيون ساستهم ونظروا في أعطاف ملكهم
25:19واستتموا شيات الحضارة ومعاني البذخ والأبهة
25:25انتحلوا جميع هذه السمات وتفننوا فيها
25:29وتجاروا إلى غايتها
25:32وأنفوا من المشاركة فيها
25:34وجزعوا من افتقادها
25:36وخلو دولتهم من آثارها
25:40والعالم بستان
25:42والله على كل شيء رقيب
25:44ترجمة نانسي قنقر

Recommended