مسلسل ذاكرة الجسد الحلقة الرابعة

  • 2 days ago

Category

📺
TV
Transcript
00:00موسيقى
00:18لنفترض إذن أني أحبك
00:22أتعلم أنك جعلتني أنسى سبب اتصالي بك
00:26ولكني لم أنسى
00:30لقد تصلتي لتقولي أن عمك وعائلته هم خارج باريس اليوم
00:35وأنك حرة
00:37وسأدعوك إلى فنجان قهوة
00:39ولكن اختر أنت المكان
00:41لأنني جاهلة في جغرافي هذه المدينة
00:44نلتقي في شانزيليزي
00:46شانزيليزي؟
00:47أين تجد مكانا غير هذا؟
00:49تريد أن يفتضح أمرنا؟
00:52ولكني كنت أعتقد أنك تحبين الجلسة في المقاهي التي يرتدها الصحفيون والمثقفون العرب
00:58كي يصدفنا أحد معارف عمي
01:00أريد مكانا هادئا
01:02بعيدا عن أعين الفضوليين
01:05أنا في العادة أحب أن أشرب القهوة وأقرأ الجرائد في الحي اللاتيني
01:09لا لا لا لا لا لا
01:11قال الحي اللاتيني
01:12اختر مكانا لا يقترب منه عرب أو جزائري
01:16في هذه الحالة لم يبقى سوى المقاهي مجاورة لبيتي
01:21أعطني العلوان
01:23ونلتقي بعد ساعة
01:52تأخرت؟
01:53خفت ولا تعرف طريقك إلى هذا المطعم
02:00لا أحد يضيع في طريقه إلى الفنان العظيم خالد من طوبال
02:07كنت ترسمني إذا
02:10على طريقتي
02:12هل أتوقع أن أجد نفسي في لوحة سريالية مثلا أو تكعيبية؟
02:17أخشى أن تكون اللوحة رسما كريكاتورين
02:22سأتركها مفاجئة
02:24تكتشفينها بنفسك
02:26أخشى أن أخيب أملك
02:28لا
02:30أنت خيبي أملي
02:31أنت زكية جدا
02:34ألور سينيوري ماذا تشرب؟
02:37مادم أنت صاحبة الدعوة
02:39فسأشرب كل أنواع القهوة
02:42وماذا تطلبين أن تحلو؟
02:45أنت أيضا تجدينها جميلة يا سينيورا توندي
02:48كومينو سينيور
02:50إنها جميلة جدا
02:54أنت فعلا ذوق يا سينيور خالد
02:56شكرا
02:58كل أنواع القهوة
03:00حسنا سأحضر كل أنواع القهوة
03:03مومينتو
03:04تسمحوا يا سينيورينا
03:07كنت أظن أنك تمزحين
03:09ولماذا أمزح معك؟
03:11هل أنت صديقي أو قريبي؟
03:14أو حبيبي؟
03:16أنت مجنونة
03:17ربما أكون مجنونة
03:19لكن الرسامين هم الأكثر جنونا بين النبتين
03:24ومن قال هذا؟
03:25قرأت قصصا مدهشة عنهم
03:28إن جنونهم متطرف
03:31مفاجئ ومخيف
03:33لا يشبه في شيء ما يقال عن الشعراء مثلا أو الموسيقيين
03:37عندك فونجوك مثلا
03:39قطع أذنه في لحظة يأس واحتقار للعالم
03:43ليهديها إلى غانيا
03:45فقط لأنها قالت له أذنك جميلة
03:50أشعر أن ما يعجبك بالرسامين هو قدرتهم على تعذيب أنفسهم
03:54أو حتى على التمثيل بها
03:56لا لم أقصد
03:58كل ما كنت أريد أن أقول
04:00أن هناك لعنة تطارد الرسامين دون غيرهم
04:04مثل لعنة سيدي محمد الغراب؟
04:07دون أن يتحولوا إلى غربان
04:11بالإضافة إلى جدلية لا تنتبق إلا عليهم
04:14فكلما زاد عذابهم
04:16وجورهم وجنونهم
04:18زاد ثمن لوحاتهم
04:21حتى أن موتهم ينصلها إلى أسعار خيالية
04:24وكأن عليهم أن ينسحبوا
04:26لتحل هيا مكانهم
04:29قتليني إذن
04:31فربما يزيد ثمن لوحاتي
04:33خاصة إذا كان على يديك
04:36هرأيت كيف تتلذذ في تعذيب وتعذيب نفسك؟
04:40قلت لك الرسامون مجانين
04:47إذن سيدتي
04:48إسبريسو، إسبريسو طويل
04:50كافي فرنسي، كافي أمريكي
04:52جاهز
04:53شكراً
04:54لعبتك سيدتي
04:55هل رأيت؟
04:56لم أكن أمزح
04:58يبدو أنك لا تمزحين أبداً
05:02حدثيني عن ناصر ما أخبرك؟
05:05تعرفون ناصر أيضاً؟
05:06وكيف لا أعرفه؟
05:08هو الطفل الصغير الذي حملته يوماً بعد الاستقلال
05:11وأنا وردتي بله رحلتي عودتي كومليون جزائر
05:14ماذا تريد أن تعرف عنه؟
05:16كل شيء
05:18مرحبا بك يا وليدي، تفضل
05:22شكراً أم الزهرة
05:23كنت دائماً أتي إلى منزلكم لأنقل الأخبار الطيبة عن سيد طاهر
05:28وأكل الحلويات الطيبة التي كانت تصنعها أم الزهرة
05:33إلا ذلك اليوم
05:35رغم أنه كان يوم فرح للجميع
05:38يوم استقلال
05:41أم الزهرة
05:45اعتقدت أنك ستكونين سعيدة
05:47لأن جزائر عادت إلى أهلها
05:49كنت في الماضي أنتظر الاستقلال ليهود لي الطاهر
05:55عادت الجزائر
05:57ولكن الطاهر لن يعود إلي
06:01يوم مات أبي كنت صغيرة جداً
06:05لكني لن أنسى جدتي
06:08كيف وقفت في وسط الدار
06:12وهي تشهق بالبكاء
06:18أم الزهرة كما فكرت فيها
06:21أم الزهرة
06:22أم الزهرة
06:24أم الزهرة
06:25أم الزهرة
06:26أم الزهرة
06:27أم الزهرة
06:28أم الزهرة
06:29أم الزهرة
06:30أم الزهرة
06:31أم الزهرة
06:33تصغرت كما في قصص التورة الخيالية
06:40بل بدت تنطفض عرياء الرأس
06:44وهي تردد بحزن البدل
06:47يا أخي تاليك، يا وليد، يا طاهر
06:54لا لا ما تقوليش هذا الكلام
06:55لا لا
06:56يا ولي
06:57يا ولي الملك
06:59ارجوك، ارجوك
07:07يا يما
07:11لا اربحمك يا تنبؤ
07:15يا يما
07:18كيف يمكنني أن أستيقظ منك يا سيدي
07:23كيف يمكنني أن أستيقظ منك يا سيدي
07:28كيف يمكنني أن أستيقظ منك يا سيدي
07:33كيف يمكنني أن أستيقظ منك يا سيدي
07:38تلك العجوز الطيبة
07:50لقد قضيت طفولتي وصبي متنقلا بين بيتنا وبيتك
07:57وكان لها طريقة مرحلة في التعبير عن الحب
08:03اكتشفت بعدها أنها طريقة مشتركة لكل الأمهات هنا
08:09إنها تحبك بالأكل
08:12لقد كانت تنتمي لجيل من النساء نظرنا حياتهم للمطبخ
08:17كنا يعيشنا الأعياد والأعراص كمأدوبة لهم
08:25كل عام وأنت بخير يا خالد
08:28خالد تعال يا ابني خذ هذا الطبق
08:32لا لست جائعا
08:34لا أحد يقول لأم الظهرة أنا لست جائعا
08:38واخذ هذا الطبق لأمك وقل لها أم الظهرة تقول لك كل عام وأنت بخير
08:48لقد كانت أم الظهرة كبقية النساء
08:52قدمنا الطعام للجميع لكنهم نايبتنا الليلة دون أن ينتبه أحد اللاجئين المتوارثين عبر العصور
09:02لذلك أجد نفسي عاجزا عن حب امرأة تعيش على الأكل الجاهز
09:06أنا أجد نسبيا بعض الأكلات التي تعلمتها من أم الظهرة
09:12ولكني بصراحة أضطر هنا في المطاعم القريبة من الجامعة إلى أكل الطعام الجاهز
09:18خوك مادام خوك موسيو حسب المتوفر
09:21إذا تعودت على أكل السينيورة توندي فلا حاجة بك إلى الأكل الجاهز
09:26تعلم سوف أطبخ لك يوما أكلة جزائرية
09:30ما تتريد أن تأكل هيا قل قل
09:35معقول هل سيأتي ذلك اليوم الذي سأتذوق فيه طعامك؟
09:40ولم لا؟ ألست أنت من سجلني رسميا في سجل البلدية وأعطاني إسما اختاره والدي؟
09:49صحيح
09:51ألست أنت من ظل يهتم بجدتي طوال وجودنا في تونس؟
09:56أكيد
09:58ألست أنت من تابع تفاصيل عودتنا إلى الجزائر بعد الاستقلال؟
10:04بالطبع
10:06ورافقتنا في رحلتنا من تونس إلى الجزائر؟
10:11كان يوما لا ينسى
10:13إذن أنا مدينة لك بالكثير
10:19عندما وصلنا إلى الجزائر كانت المدينة تستعد لاستقبال جمال عبد الناصر
10:26البيارة والأعلام والأغاني الحماسية واليافطات المرفوعة والشعارات التي كانت ترحب بهم
10:35كان نشادا صاخبا طيب
10:38وكنت أنت وناصر تنظاني بذهور غير فاهمين ما يحدث
10:44ولكنك ما كنت ماسع يدي
10:49لفترة لغوتي
11:10ثم وصلنا بيت سيد طه بعد غياء
11:13أتفضل يا خالد يا بني أدخل بيت بيتك
11:16فضل
11:26و بعد فترة مجيزة
11:28اطلقت الحكومة الجزائرية
11:30مشكورة
11:32اسم السيطرة
11:34على احد شوارعها الرئيسية
11:36ان يكون ابي
11:38اورثني اسما كبيرا
11:40هذا لا يعني شيئا
11:42و قد اورثني
11:44اورثني مأساة بهجم اسمه
11:46تسألوني عن ناصر
11:50ناصر ايضا ورث الخوف الدائما
11:52من السقوط
11:54و العيش مسكونا بهاجس الفشل
11:56هو الابن الوحيد للطهر
11:58عبد المولى
12:00الذي ليس من حقه ان يفشل
12:02في انتراسة ولا في الحياة
12:04لانه ليس من حق الرموز
12:06ان تتحطم
12:08ها
12:12طمئنني
12:14ما هي اخبار و نتائجك في الامتحان
12:18لماذا لا توجين
12:20لا نتائج
12:22تقصد ان النتائج لم تظهر بعد
12:26ان لم اتقدم الامتحانات من الاصل
12:28ماذا
12:30لم افهم
12:34لقد تركت الجامعة
12:36يا سوادي
12:38تركت الجامعة
12:40اسمعتي يا اما
12:42اسمعتي حفيدك ابن السيد طاهر
12:44و لماذا لم تكلمني
12:46قبل ان تأخذ قرارا بهذه الخطورة
12:48زخردي يا ام الشهيد
12:50حفيدك ناصر قد ترك الجامعة
12:54ارفعي رأسك بهذا الحفيد الفاشل
12:58سيد طاهر
13:00ولدي
13:02اين هو
13:04وماذا تريدين مني
13:06ان انتظر اربع سنوات
13:08كي اتخرج من الجامعة
13:10واقف في طابور العطلين عن العمل
13:12وحتى لو حصلت على هذه الوظيفة
13:14الرتب الذي سأحظى به
13:16لن يكفي لساني حاجة
13:18اسبوع او اسبوعين من الشهر
13:20وماذا تريد ان تفعل ايضا
13:22سأعمل في التجارة
13:24تجارة
13:26اي تجارة
13:28سابدأ في تجارة خفيفة
13:30وسافتح محلا صغير
13:32ومن اين لك المال
13:34لتفتح هذا المحل الصغير
13:38كنت اتظهر بالذهب الى الجامعة
13:40في الوقت الذي كنت اعمل فيه
13:42في مصنع صغير
13:44وجنيت بعض المال
13:46يا سوادي يا لحظة التعيس
13:48يا لحظة التعيس
13:50انهدي سيد طاهر من قبرك
13:52لترى ماذا اورثتني
13:54لم تورثني سوى الحصلة والقهر
13:58يا ربي
14:00مكتوب علي الشقاء
14:02هو على عمري
14:04لماذا تندمين حظك
14:06اليست زوجة الشهيد البطل
14:08سيد طاهر
14:10وانا ابن الشهيد البطل
14:12الذي سيعمل تاجرا
14:14ولديه شاحنة
14:16وهبتها له الجزائر كامتياز
14:18اليست ابن الشهيد
14:30اهدأ
14:36لا اعتقد ان ابي كان ينتظر له مستقبلا كهذا
14:40مسكين نصر
14:42انت ايضا لم يكن يتوقع لك مستقبلا كحاسلا
14:46ارأيي
14:48لقد ذهبت ابعد من احلامي بكثير
14:50كان رجلا يقدس العلم والمعرفة
14:54يعشق اللغة العربية
14:56ويحلم بجزائر لا علاقة لها بالعادات والتقاليد البالية التي أرهقت جيله ووقّطت عليه
15:02أنت لا تقدرين معنى هذا الحظ الكبير
15:06أن تكون في وطن يملحك الفرصة أن تكون مرأة مثقفة
15:10يمكنك أن تسافر وتدرس وتعمل
15:14يمكنك أن تكون كاتبة
15:17ما أنني كنت أفضل أن أكون مرأة عادية
15:22أن يكون لي أب وعائلة كالآخرين
15:26وليس مجموعة الكتب وعزمة من الدفاتر
15:31ولكن أبي أصبح ملكاً جزائر
15:35ولم يبقى لي سوى الكتاب
15:38ولن أسمح لأحد أن يأخذها مني
15:42تشفق علي
15:44أليس كذلك؟
15:47المشكلة أن المرأة الزكية
15:50لا تثير مشاعر الشفقة بالمشاعر الأجانب
15:54حتى في حزنها وجوهها الكامل
15:57تعلمين
15:59لقد اكتشفت أنك تشبهين ميا حياتي
16:04أنا؟
16:06أنا أيضاً كنت أفضل لو كنت رجلاً عادياً بذراعي سنتين
16:11لأقوم بأشياء اليومية العادية
16:14على أن أكون فناناً مشهوراً
16:17ولكن بذراع واحدة
16:20لا تتأبط سوى اللوحات والرسومات
16:26صحيح
16:27نسيت أن أسألك
16:29لماذا جئت إلى فرنسا؟
16:32لماذا جئت إلى فرنسا؟
16:35قد لا تقنعك يا سباني
16:37ولكنني أكره الجلوس على قمم يسهل السقوط منها
16:41وأكره أن يحولني مجرد كرسي أجلس عليه إلى شخص آخر
16:47لا يشبهني ولا أعرفه
16:50ماذا كان؟
16:52مسؤول عن النشر والمطبوحات
16:55بصراحة شعرت أنني خلقت لهذا المكان
16:59خاصة وأنني قضيت سنوات إقامتي في تونس
17:03أتعلم اللغة العربية وأتعمق بها
17:07ليتجاوز عقدتك جزائري لا يتقن بالدرجة الأولى إلى اللغة الفرنسية
17:12ولماذا لم تستمر في هذا المنصب؟
17:15لأنني قررت أن أخرج من الرداءة
17:18من تلك الكتب الساذجة التي كنت مضطرا إلى قراءتها
17:22ونشرها باسم الأدب والثقافة
17:25ليلتهمها شعب جائع للعلم
17:37بصراحة كنت كما لو أنني أبيعه معلبات فاسدة مضى وقت استيلاجها
17:43كنت بشكل أو بآخر مسؤولا عن تداخل صحته الفكرية
17:47بسبب الأكاذيب التي يلقنوا عليها
17:50وهكذا تحولت من المثقف إلى مجرد شرطي
17:55يتجسس على الحروف والكلام
17:58وعندما أردت أن أقوم بمشاركته
18:02إلى مجرد شرطي يتجسس على الحروف والكلمات
18:07بل أريد أن أعرف هل قرأت كتابي؟
18:14كتابك قيم وهو أنيئك علي
18:17شكراً أستاذ خالد
18:18أنا سعيد جداً أن هذه الشهادة من رجل بمكانتك
18:23العفو
18:24أستطيع أن أعتبر أن كتابي سيرى النور قريباً أستاذ خالد؟
18:29لولا بعض الملاحظات الطفيفة
18:33أنا جاهز لأي تعديل المهم مصطلحة الكتاب
18:39أنا أعتذر منك ولكني وضعت خطوطاً حمراء تحت الأسطر
18:45التي يجب أن تحسف
18:48وعلى ورقة جانبية دونت لك أرقام الصفحات التي تحتوي المقاطع
18:55تحتاج لي هذا النظر
18:57حسناً سأأخذها
18:59رغم أنني أعجبت جداً بأفكارك
19:04وأوافقك عليها تماماً
19:08لكن كما تعلم الموضوع ليس بيدي
19:13وأنا بصراحة أريد لكتابك أن يرن
19:18مفهوم أستاذ مفهوم
19:20الحق معك
19:22لا يمكن العمل في هكذا أجواء
19:25لو كنت مكانك ففعلت مثلك
19:27وقدمت استقالتي
19:29في الواقع لم تأتي استقالتي لهذه الأسباب بالضبط
19:33أو ربما العكس
19:35لقد بدأت أتعود على تلك الآلية
19:38ونسيت أني مثقف يعمل في دائرة ثقافية
19:42وتحولت شيئاً فشيئاً إلى مجرد موظف عادي
19:47يمارس عملية الرقابة على فكر الآخرين
19:52إلى أن جاء ذاك اليوم
19:54الذي حسمت تلك المسألة
19:56أهلاً استاذ زياد
19:57آسف على التأخير
19:58قبل قليل انتهى الدرس
20:00طلابه يرحون دائماً في الأسئلة
20:02وأنت مضطر أن تجيب على كل سؤال
20:05حتى ولو اضطررت الاختراع
20:07وأنت مدرس؟
20:08نعم أنا في الواقع أدرس الأدب العربي
20:11الأدب العربي؟
20:13الآن أعرفت من أين أتيت بهذا الفيد من الشاعرية
20:17أعجبك الديوان؟
20:19أعجبني
20:20يا رجل
20:21إنه من أروع ما قرأته من الشاعر في الفترة الأخيرة
20:25لا ينسعني إلا أن أقول لك شكراً
20:29دعني أخمن أنك فلسطيني
20:32أخمنك في مكانة؟
20:34أنت رجل لماح
20:36لا
20:38أشعرك هي التي قالت
20:40وبالأخص هجاوك لبعض الحكام وبعض الأنظمة
20:44لست محقاً؟
20:47محق
20:49ولكن
20:51ولكن؟
20:53هناك بروتوكولات بين بعض الدول العربية
20:56تمنع الإساءة لبلد بعينها أو حاكم بعينها
21:01لو أنك اكتفيت بالتلميح وابتعدت عن التصريح
21:05أجعلت الأمر أكثر سهولة وأقل تعقيداً
21:09سمعت أنك خدت حرب التحرير
21:12وكانت حرباً مشرفة
21:16نعم
21:18لا تبتر لي قصائدي سيدي
21:25رد لي ديواني سأنشره في بيروت
21:35لو لم تكن فلسطينياً وتذوقت مرارة التهجير والتشرد
21:42لو أجهت لك بالقبضة التي بقيت لي لكمة بين عينيك
21:48على الرحب يا أسان
21:50بفضل
21:52وتشفع لك أيضاً عبقرياتك الشعرية
21:57سأنشر لك ديوانك هذا بالكامل
22:00وعلى مسؤوليتي
22:03شكراً
22:06تفضل اشرب قهوة
22:14ونشر الديوان وجلب لي متاعب كثيرة
22:19برافو خالد لقد كان قرارك غاية في الرجولة والشجاعة
22:24هذه الشجاعة والرجولة لا يمكن لموظفاً أن يتحلى بها
22:29مهما كان منصباً دون أن يغامل بوظيفته
22:33قلت لي إن اسمه زياد؟
22:36نعم زياد
22:38وكان لقائي به منعطفاً في حياتي
22:42لقد جعلني غير قادراً على تحمل الزيف
22:45وأصبحتما صديقين بعد ذلك؟
22:47جداً
22:49فقصص الصداقة القوية كقصص الحب العنيفة
22:53غالباً ما تبدأ بالمواجهة والاستفزاز واختبار القوة
22:57وفي النهاية نحن الرجلان حاملاء السلاح فترات طويلة من حياتهما
23:02فتعوداً لغة العنف والمواجهة
23:05كان لابد أن نتصادم كي نلتقي
23:08فنحن من طينة واحدة
23:10وهكذا أصبح زياد صديقي الوحيد
23:14الذي أرتاح إليه حقاً
23:17كنا نلتقي عدة مرات في المسار
23:21نسهر ونسكر ونتحدث في الزيادة والفن
23:24ونتحول إلى مجانين
23:27كان عمره ثلاثين سنة وديوانين
23:30وكان عمره بعض اللوحات
23:33وقليلاً من الفرح وكثيراً من الخيبات
23:38إلى أن قرر ذات يوم أن يرحل
23:41يرحل؟
23:43رحل زياد بعد حرب تشرين أكتوبر بهدف أشهر
23:48ذهب إلى بيروت ينضم إلى الجبهة الشعبية
23:51التي كان أصلاً مخلطاً بها قبل قدومه إلى الجزائر
23:55زياد لقد وافق والدي على الخطوبة
23:58صار بإمكانك الحضور لبيتنا لتتقدم لخطبتي
24:02أخيراً؟ أخيراً يا ليلى سيجمعنا سقف واحد؟
24:06أكاد لا أصدق أن والدي وافق أخيراً
24:09كنت أصاب باليأس
24:11وكيف حصل ووافق؟
24:12بالتهديد
24:13بالتهديد؟
24:15قلت له إما زياد أو لا أحد
24:17وامتنعته عن الأكل والشراب يوماً كاملاً
24:20بجنونة
24:21لو لم أكن كذلك لم أأحببتني
24:24ولم استطعت أن أنقل في تنتباهك
24:26ومتى سيأذن لي السيد والد للحضور اللي طال بيدك؟
24:30أنت حدد الوقت
24:31هيا إذن
24:32الآن؟
24:33نعم الآن
24:34ولكن والدي ما زال في عمله
24:36انتظر حتى المساء
24:37حتى المساء؟
24:39ومن أين آتي بالصبر؟
24:41صدقتك
24:44وهل تشكين في هذا يا حلوتي؟
24:46زياد نحن في حديقة عامة
24:48ولكنك يا خاتمتي وليس لأحد أن يتدخل
24:51حتى ولو كان وريدك
24:54انتظر حين نتزوج
24:55سأنتقم منه شر انتقام
24:57حرام عليك
24:58تنتقم من والدي؟
25:00ماذا فعل لك؟
25:01حرمني من أجمل شيء في حياتي
25:05هل يكفيني ما حرمت منه طبال عمري؟
25:08أهلي
25:09وبيتي
25:11ووطني
25:13أنا أهلك
25:15وبيتك
25:16ووطنك
25:38كل شيء مبارك
25:40ليلة أمانة في عنقك يا زياد
25:42وفي عيني أيضا
25:44ومتى سنحدد معوعد العرس؟
25:46أمي
25:47ما زال الكلام مبكرا على معوعد العرس
25:50والدتك محقة يا ليلة
25:52من الطبيعي أن تسأل هذا السؤال
25:55لقد حصلت مؤخرا على شقة وهي تحتاج لبعض التعديلات
25:59وحالما أنتهي من كل الترتيبات
26:01سنحدد معوعد الزواج
26:03أريد لليلة منزلا يليق بها
26:12زياد ما بك؟ لقد أقلقتني
26:15ليلة
26:18قل لي ما بك؟ لا تصمت هكذا
26:22لقد قررت العودة إلى لبنان
26:26ماذا؟
26:28تعود إلى لبنان؟
26:31يجب أن ألتحق برفاقي في الجبهة الشعبية
26:36لكن لماذا الآن؟
26:38الحرب الأهلية تشتعلت هناك
26:42ولم يعد وجودي مبررا في الجزائر
26:46أنت ذاهب للحرب؟
26:50تريد أن تذهب لحطفك؟
26:53وأنا؟
26:55لماذا تتركني هنا؟
26:58ليلة حبيبتي أنت لا تفهمين ما يحدث
27:01أنا أفهم شيئا واحدا فقط
27:04أنك ذاهب للموت
27:06أنت لا تحبني زياد
27:10لماذا تقدمت لخطبتي إذن؟
27:13لماذا قبلت أهل؟ لماذا سيقولون الآن؟
27:17لماذا تريد أن تجرح كرامتي؟ ماذا فعلت لك؟
27:20ليلة حبيبتي
27:21لست حبيبتك
27:23حبيبتك هناك
27:25اذهب إليها إنها تنتظرك بكفن
27:36أرجوك يا سيخ خالد
27:38حاول أن تقنعه بالعدول عن رأيه
27:40لا تسمح له بالذهاب إلى لبنان سيموت وصدقني
27:44اتماني يا ليلة
27:46سأتحدث إليه وأعرف وجهة نظرك
27:49قل له أنني سأذهب معه إذا قرر الرحيل
27:52أنا لا أستطيع العيش دونه
27:54أرجوك
27:55أرجوك
27:56أرجوك
27:57أرجوك
27:58أرجوك
27:59أرجوك
28:00أرجوك
28:01أرجوك
28:02أرجوك
28:03أرجوك
28:04أرجوك
28:05أرجوك يا سيخ خالد إذا تركني زياد سأموت
28:09قلت لك اتماني
28:12سأفذل كل ما أستطيع
28:14اتماني
28:20هذه الكتب لك يا خالد
28:21لي أنا
28:24احتفظ بها لك ذكرى
28:26مالك تتعامل مع أغراضك وكأنك لن تعود أبدا
28:31وماذا أفعل بهذا الخاتم
28:36ليلى
28:38أنت تعرفين أنني أحببتك حتى شنون
28:41ولكن يجب أن أعود
28:43خذني معك إذا
28:45أنا مستعدة أن أعيش معك على الرصيف
28:47لا أستطيع
28:51ماذا سأقول لأهلي
28:54ذهبوا وتركني
28:55قولي لهم زياد يحبني
28:58ولكنه مضطرا رجحي
29:06حتى هذه اللحظة لم أفهم سبب أزرارك على الرحيل
29:10ما الحكاية يا رجل
29:12أوضاعك المادية تحسنت
29:14وأنت على وشك الاستقرار مع فتاة من عائلة محترمة
29:18تقريبا كل أحلامك تحققت
29:20فهم الحكاية
29:21يدعو أحلام
29:23أنا لا أريد أن أقتل داخلي ذلك الفلسطيني المشرل
29:28فعندها لن يكون لأي شيء أن أمتلكه من قيمة
29:32وتلك المسكينة
29:36لا أريد أن أنتمي لمرأة
29:39وأنشأت لا أريد أن أتيم فيها
29:42أخاف السعادة عندما تصبح إقامة جبرية
29:47هناك سجون لم تخلق للشعراء
30:06لقد قرر أن يذهب إلى الموت بجبرية
30:10بدل أن يذهب إليه مهزوما أو مكررا
30:14إنها طريقته في أن يسمى مسبقا شيئا لا يهزم
30:18وهو الموت
30:20هل مات؟
30:22لا
30:24لم يموت
30:25على الأقل حدى تاريخ بطاقته الأخيرة التي أرسلها لي في رأس السنة
30:29بحوالي قبل ستة أشهر
30:32وهل كتب لخطيبته؟
30:35لا
30:37ولا كلمة
30:39لماذا؟
30:41ربما لأنه كان يكره التحرش بالماضي
30:45وربما لأنه كان يريدها أن تنساه وتتزوج من غيره
30:50كأنه كان يريدها أن تخترق قدرا غيره
30:53وهل تزوجت؟
30:56لا أدري
30:58كانت تزورني أحياناً كي تسأل عن أخباري
31:02أنت ما زلت صغيرة وجميلة
31:05يمكنك أن تبدأ حياة جديدة
31:08كيف أبدأ حياة جديدة؟
31:10وزياد ما زال يسكن روحي
31:13وماذا سأفعل؟
31:15سأقوم بحياة جديدة
31:18سأقوم بحياة جديدة
31:20وزياد ما زال يسكن روحي
31:23أنا لا أستطيع العيش دونها
31:26أرجوك يا سيخ خالد
31:28أريد عنوانه فقط وأنا سأتصرف
31:31أي عنوان هذا؟
31:33عندما تبدأ الحرب الأهلية في أي بلد
31:36يصبح الناس بلا عنوين
31:38قد مر زمن طويل على رحيلي
31:41أنا متأكدة أنه مكروه أصابه
31:44وإلا كان بعث لي حتى رسالة واحدة
31:47زياد يحبني ولا يستطيع أن يتخلى عني
31:50لا
31:53زياد لن يعود
31:56هو قال لك ذلك؟
31:58أم أنه تخمينك؟
32:00لا
32:03هو قال لي ذلك
32:05نسيه
32:09أنساه؟
32:12وهل يستطيع المرء أن ينسى زياد بعد أن يتعرف عليه؟
32:16في مغادرة الجزائر
32:18لقد تعلمت منه
32:21أنه لا يمكن أن نتصالح مع كل الأشخاص الذين يسكنون هنا
32:26وأنه لا بد أن نضحي بأحدهم
32:29ليعيش الآخر
32:31وأمام هذا الاختيار فقط
32:34نكتشف طينتنا الأولى
32:36لأننا ننحاز تلقائيا لمن نعتقد أنه الأهم
32:40وأنه نحن
32:42نحن لا غير
32:43ماذا أفعل بهذا الرجل الذي يسكنني
32:47ويرفض أن يمساوي معل حريته
32:50كان لا بد أن أقتل أحدهما ليعيش الآخر
32:54كان لا بد أن أختار
32:57وقد اخترت
33:00اكتشفت اليوم أشياء مذهشة
33:03لم أتصور أن تكون قد حضرت إلى باريس لهذه الأسباب
33:08عادة يأتي الفنانون إلى هنا
33:10بحثا عن الشهرة والكسب لا أكثر
33:14لم أتصور أن تكون قد تخليت عن كل شيء هناك
33:18لتبدأ من السفر هنا
33:20أنا لم أبدأ من السفر
33:22أنا بدأت من نفسي ومن قناعاتي
33:26خالد
33:28حبك
33:35ولماذا في هذا اليوم بالذات
33:37لأنني اليوم فخورة بك
33:40أشعر بالاعتزاز
33:42اليوم أحترمك أكثر
33:44أليس لديك الرغبة في أن تزوري مرسمي ذات يوم
33:47ولماذا ذات يوم
33:49خدا سأزور مرسمك
34:07موسيقى
34:21أنت في بيتي
34:24أحقا سيحدث هذا
34:26موسيقى
34:34أحقا ستدقين جرس هذا الباب
34:37وستجلسين على هذه الاريكا
34:44ستمشين أمامي
34:46أنتِ
34:50أخيراً أنتِ
34:55أي جنون كان أن أتي بك إلى هنا
34:59أن أفتح لك عالمي السرية الآخر
35:02أن أحولك إلى جزء من هذا البيت
35:08هذا البيت الذي أصبح جنتي في انتظارك
35:12والذي قد يسمع جحيمي بعدك
35:37توقيت وترجمة نانسي قنقر
36:07ترجمة نانسي قنقر
36:37شكراً لأنكِ قبلتي الدعوة
36:40ولماذا تشكروني؟
36:43بصراحة كنت أخاف أن تسير ظنّبي
36:47الحقيقة ترددت في اللحظة الأولى
36:51وسألت نفسي لماذا يدعوني خالد إلى مرسمه؟
36:56معتبر العرض لغي؟
36:58مهلاً مهلاً يا مجنون
37:00وأفوت على نفسي فرصة أن أزور مرسم الفنان العظيم خالد من طوباء
37:06وأتفرج على لوحاته الغير المكتملة
37:09وأكون أول شهود على خطوطه الأولى
37:14إلا إذا سبقني إلى ذلك أحد
37:18هل سبقني أحد؟
37:20لا أبدا
37:22أنا عادة لا أسمح لأحد أن يكتشف أسرار خطوطه الأولى
37:26يسعدني أن أكون الأولى إذن
37:29إنه لشرف عظيم أن تسمح لي بزيارة المرسم
37:36الغزاة لا ينتظرنا السماح
37:39الغزاة يأذون دون أثن منها
37:42تعتبرني من الغزاة أيها المحارب القديم؟
37:45حسناً أنت بدأت المعركة
37:51هي حرب إذن؟
37:53سأحتلك
37:55ثم أوجعك في أسري
37:59ثم أستولي على كل غنائمك
38:06ترجمة نانسي قنقر

Recommended